قَالَ تَعَالَى: (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٢١)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (نُسْقِيكُمْ) : يُقْرَأُ بِالنُّونِ ; وَقَدْ ذُكِرَ فِي النَّحْلِ، وَبِالتَّاءِ، وَفِيهِ ضَمِيرُ الْأَنْعَامِ، وَهُوَ مُسْتَأْنَفٌ.
قَالَ تَعَالَى: (فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (٢٧)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (بِأَعْيُنِنَا) : فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ; أَيْ مَحْفُوظَةً.
وَ (مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) : قَدْ ذُكِرَ فِي هُودٍ.
قَالَ تَعَالَى: (وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (٢٩) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (٣٠)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مُنْزَلًا) : يُقْرَأُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الزَّايِ ; وَهُوَ مَكَانٌ، أَوْ مَصْدَرُ نَزَّلَ، وَهُوَ مُطَاوِعُ أَنْزَلْتُهُ.
وَيُقْرَأُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الزَّايِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْإِنْزَالِ ; وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَكَانًا، كَقَوْلِكَ: أَنْزِلُ الْمَكَانَ، فَهُوَ مُنْزَلٌ.
(وَإِنْ كُنَّا) : أَيْ إِنَّا كُنَّا ; فَهِيَ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَقَدْ ذُكِرَتْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ.
قَالَ تَعَالَى: (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مُتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (٣٥)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ) : فِي إِعْرَابِ هَذِهِ الْآيَةِ أَوْجُهٌ:
أَحَدُهَا: أَنَّ اسْمَ «أَنَّ» الْأُولَى مَحْذُوفٌ أُقِيمَ مَقَامَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، تَقْدِيرُهُ: أَنَّ إِخْرَاجَكُمْ. وَ «إِذَا» هُوَ الْخَبَرُ، وَ «أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ» تَكْرِيرٌ ; لِأَنَّ «أَنَّ» وَمَا عَمِلَتْ فِيهِ لِلتَّوْكِيدِ، أَوْ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْمَحْذُوفِ. وَالثَّانِي: أَنَّ اسْمَ «أَنَّ» الْكَافُ وَالْمِيمُ، وَ «إِذَا» شَرْطٌ، وَجَوَابُهَا مَحْذُوفٌ،


الصفحة التالية
Icon