قَالَ تَعَالَى: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا (٢٠)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِلَّا أَنَّهُمْ) : كُسِرَتْ «إِنَّ» لِأَجْلِ اللَّامِ فِي الْخَبَرِ.
وَقِيلَ: لَوْ لَمْ تَكُنِ اللَّامُ لَكُسِرَتْ أَيْضًا؛ لَأَنَّ الْجُمْلَةَ حَالِيَّةٌ؛ إِذِ الْمَعْنَى: إِلَّا وَهُمْ يَأْكُلُونَ.
وَقُرِئَ بِالْفَتْحِ عَلَى أَنَّ اللَّامَ زَائِدَةٌ، وَتَكُونُ أَنْ مَصْدَرِيَّةً، وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: إِلَّا أَنَّهُمْ يَأْكُلُونَ؛ أَيْ وَمَا جَعَلْنَاهُمْ رُسُلًا إِلَى النَّاسِ إِلَّا لِكَوْنِهِمْ مِثْلَهُمْ.
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وَيَكُونَ التَّقْدِيرُ: إِنَّهُمْ ذَوُو أَكْلٍ.
قَالَ تَعَالَى: (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا (٢٢)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَوْمَ يَرَوْنَ) : فِي الْعَامِلِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: اذْكُرْ يَوْمَ.
وَالثَّانِي: يُعَذَّبُونَ يَوْمَ، وَالْكَلَامُ الَّذِي بَعْدَهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ.
وَالثَّالِثُ: لَا يُبَشَّرُونَ يَوْمَ يَرَوْنَ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَعْمَلَ فِيهِ الْبُشْرَى لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَصْدَرَ لَا يَعْمَلُ فِيمَا قَبْلَهُ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْمَنْفِيَّ لَا يَعْمَلُ فِيمَا قَبْلَ لَا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَوْمَئِذٍ) : فِيهِ أَوْجُهٌ:
أَحَدُهَا: هُوَ تَكْرِيرٌ لِيَوْمٍ الْأَوَّلِ.
وَالثَّانِي: هُوَ خَبَرُ بُشْرَى، فَيَعْمَلُ فِيهِ الْمَحْذُوفُ؛ وَ «لِلْمُجْرِمِينَ» : تَبْيِينٌ، أَوْ خَبَرٌ ثَانٍ. وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ «لِلْمُجْرِمِينَ» وَالْعَامِلُ فِي يَوْمَئِذٍ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ اللَّامُ.
وَالرَّابِعُ: أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ «بُشْرَى» إِذَا قَدَّرْتَ أَنَّهَا مُنَوَّنَةٌ غَيْرُ مَبْنِيَّةٍ مَعَ لَا، وَيَكُونُ الْخَبَرُ «


الصفحة التالية
Icon