قَالَ تَعَالَى: (الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (٥٩)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (الَّذِي خَلَقَ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً. وَ «الرَّحْمَنُ» : الْخَبَرُ؛ وَأَنْ يَكُونَ خَبَرًا؛ أَيْ هُوَ الَّذِي؛ أَوْ نَصْبًا عَلَى إِضْمَارِ أَعْنِي فَيَتِمُّ الْكَلَامُ عَلَى الْعَرْشِ. وَيَكُونُ «الرَّحْمَنُ» مُبْتَدَأً، وَ «فَاسْأَلْ بِهِ» : الْخَبَرُ، عَلَى قَوْلِ الْأَخْفَشِ، أَوْ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ هُوَ الرَّحْمَنُ، أَوْ بَدَلًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي «اسْتَوَى».
قَوْلُهُ تَعَالَى: (بِهِ) : فِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: الْبَاءُ تَتَعَلَّقُ بِـ «خَبِيرًا» وَخَبِيرًا مَفْعُولُ «اسْأَلْ». وَالثَّانِي: أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى عَنْ، فَتَتَعَلَّقُ بِاسْأَلْ.
وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: فَاسْأَلْ بِسُؤَالِكَ عَنْهُ خَبِيرًا.
وَيَضْعُفُ أَنْ يَكُونَ «خَبِيرًا» حَالًا مِنَ الْفَاعِلِ فِي اسْأَلْ؛ لِأَنَّ الْخَبِيرَ لَا يَسْأَلُ إِلَّا عَلَى جِهَةِ التَّوْكِيدِ؛ مِثْلَ: (وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا) [الْبَقَرَةِ: ٩١] وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الرَّحْمَنِ إِذَا رَفَعْتَهُ بِـ «اسْتَوَى».
قَالَ تَعَالَى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا (٦٠)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لِمَا تَأْمُرُنَا) : يُقْرَأُ بِالتَّاءِ وَالْيَاءِ. وَفِي «مَا» ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: هِيَ
بِمَعْنَى الَّذِي. وَالثَّانِي: نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ، وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ تَحْتَاجُ إِلَى عَائِدٍ، وَالتَّقْدِيرُ: لِمَا تَأْمُرُنَا