ورواه أبو يعلى عن عائشة (أيضاً) رضي الله عنها، ولفظه: "هو
كلام فحسنه حسن، وقبيحه قبيح.
وروى الحارث بن أبي أسامة، عن رجل من هذيل، عن أبيه، أن
رسول الله - ﷺ - قال: إن هذا الشعر جزل من كلام العرب، يعطي به السائل، ويكظم به الغيظ، وبه يتبلغ القوم في ناديهم.
فصار في كل منهما مذمومٌ وممدوحٌ.
فالمذموم: التكلف بالتقيد به، وجعل المعنى تابعاً للفظ.
والممدوح: قبول الطبع له، وسهولته عليه، حتى يرمي (به) من غير
قصد إليه ولا تعويل عليه، رمي العارف به، والمقتدر عليه، المطبوع فيه.
وذلك إذا لم يتأت المعنى الأحسن، والمنحى الأبلغ الأتقن، إلا
به، فيكون حينئذ المطبوع في ذلك متمكناً من نقد الشعر والسجع، بصيراً
بتمييز قبيحه من حسنه.
ومعنى "وما علمناه الشعر": وما علمناه بإنزال هذا القرآن الشعر.
وما جعلناه قائلًا لشيء من أنحائه، قاصدا له.
وما علمناه أن يتكلف استحضار القوافي، وبناء الكلام عليها، والقصد في صوغه إليها، بحيث تكون هي المقصودة بالذات.
فالمنفى تعليمه: هو العلم الصناعي، وهو الحاصل من التمرن على
العمل وهذا لا ينفي أن يكون الوزن في طبعه.
ولو أريد نفيه لقيل: وما طبعناه عليه، أو نحو ذلك ما يؤدي معناه،