قال الزمخشري: ما هو إلا كلام من جنس كلامه الذي كان يرمي به
على السليقة من غير صنعة فيه ولا تكلف، إلا أنه اتفق من غير قصد إلى
ذلك، ولا التفات منه إليه إن جاء موزوناً، كما يتفق في كثير من إنشاءات
الناسِ في خطبهم ورسائلهم ومحاوراتهم أشياء موزونة، ولا يسميها أحد
شعرا، ولا يخطر ببال المتكلم ولا السامع أنه شعر، وإذا فتشت في كل
كلام عن نحو ذلك، وجدت الواقع في أوزان البحور غير عزيز. انتهى.
قلت: وأبين من ذلك في الحجة: أنه قد أخرج بعض الناس البحور
الستة عشر من القرآن العظيم، وما اعترض أحد من العرب عليه - ﷺ - (بشيء من ذلك)، مع أنهم كانوا لا يجدون مساعاً لشيء يعترضون به، إلا بادروا إليه.
فلولا أنه مشهور عند صغيرهم وكبيرهم: أن الشعر لا يكون إلا مع
القصد لأوسعوا القول في ذلك، وألزموا به التناقض.
والذي دعا إلى الإتيان به موزوناً: إنما هو صحة المعنى، وكمال انتظامه
به دون غيره، فإن "لا" النافية لكل كذب في "لا كذب "، لا يقوم غيرها
مقامها.
وشهرته - ﷺ - بعبد المطلب أعظم من شهرته بغيره مع أنه أقرب أجداده، فنظره - ﷺ - مقصور على المعنى.