وفي الأثر الأول دلالة على أنه كان لا أمره الصديق رضي الله عنه ألا
يكتب إلا إذا كان قد وجد مكتوباً بحضرة النبي - ﷺ - وأمره، وقابله - مع ذلك - على المحفوظ في صدور الرجال.
وفي هذا الأخير دليل من قوله: "نسخنا الصحف في المصاحف" إلى
آخره أنه أعاد التتبع كما فعل أولًا، ليصح قوله: "فقدت آية من سورة
الأحزاب". لأن افتقادها فرع العلم بها، ومن أبعد البعيد: أن يكون سمع
النبي - ﷺ - كثيراً يقرؤها ولا يحفظها، ولا سيما وهو مذكور فيمن جمع القرآن في حياة النبي - ﷺ -.
والظاهر من هذا التتبع الذي لا يجوز لمن مارس أمثال هذه الهمم أن
يفهم غيره: أن يكون لا ينقل آية، إلا إذا وجد من صفاتها على حسب ما
هي مكتوبة عدد التواتر، ولإرادة حفظ هذا المكتوب بحضرة النبي - ﷺ - وبأمره إذا جاز له لمثل هذه النازلة، نهى - ﷺ - أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو، فلا يوجد مثل هذه الواقعة، فلا تكون الثقة به
وإن كان محفوظاً في الصدور، كالثقة به إذا وجد ما كتب منه


الصفحة التالية
Icon