وفيها إشارة إلى أن هذا الكتاب فينا كما لو كان فينا خليفة من أولي
العزم من الرسل عليهم السلام يرشدنا في كل أمر يحزبنا، وشأن ينوبنا، إلى
صواب المخرج منه، فمن أعرض خاب، ومن تردد كاد، ومن أجاب أتقى
وأجاد.
وسميت بالزهراء: لا يجابها إسفار الوجوه في يوم الجزاء لمن آمن
بالغيب ولم يكن في شك مريب، فيحال بينه وبين ما يشتهي. ولأنها سورة
الكتاب الذي هو هادٍ، والهادي يلازمه النور الحسي المدرك بالبصر، أو
المعنوي المدرك بالبصيرة.
وبالسنَام: لأنه ليس في الِإيمان بالغيب - بعد التوحيد الذي هو
الأساس الذي ينبني عليه كل خبير، والتاج الذي هو نهاية السير.
والعالي على كل غير أعلى ولا أجمع من الِإيمان بالآخرة.
ولأن السنام أعلى ما في الطية الحاملة، والكتاب الذي هي
سورته، هو أعلى ما في الحامل للأمة في مسيرهم إلى دار القرار، وهو
الشرع الذي أتاهم به رسولهم - ﷺ -.
وبهذا علم - أيضاً - سر التسمية بالذروة وبالفسطاط، والفسطاط: هو
الخيمة، والمدينة، والجماعة، ولا شك أن الكتاب من الدين بتلك المنزلة.
ولا سيما وفي سورته الدعائم الخمس الخطيرة، وهو: الجهاد، وغير
ذلك.