لاعترافهم بالتخلف عن الداعي بغير عذر في غزوة تبوك المحتمل على وجه
بعيد منهم رضي الله عنهم للإعراض بالقلب - هجروا وأعرض عنهم بكل
اعتبار، حتى بالكلام، حتى بالسلام، إلى أن تيب عليهم، فذلك معنى
تسميتها بالتوبة، وهو يدل على البراءة. لأن البراءة منهم بهجرانهم حتى في رد السلام، كان سبب التوبة، فهو من إطلاق المسبب على السبب. وتسميتها ببراءة واضح أيضاً فيما ذكر من مقصودها.
وكذا الفاضحة: لأن من افتضح كان أهلًا للبراءة منه.
والبحوث: لأنه لا يبحث إلا عن حال البغيض.
والمبعثرة، والنفرة، والمثيرة، والحافرة، والمخزية، والمهلكة والمشردة.
والمدمدمة. لأنه لا يبعثر إلا حال العدو. وكذا ما بعده.
والمشردة: عظيمة المناسبة مع ذلك، لما أشارت إليه الأنفال في:
(فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ).
وكذا سورة البعوث سواء.
وسورة العذاب أيضاً: واضحة في مقصودها، وكذا المقشقشة: لأنهم
قالوا: إن معناه: المبرئة من النفاق، من تقشقشت قروحه: إذا تقشرت
للبراء.
وتوجيهه: أن من عرف أن الله برىء منه ورسوله والمؤمنون لأمر، فهو
جدير بأن يرجع عن ذلك الأمر.
وعندي: أنه مضاعف القش الذي معناه الجمع، لأنها جمعت أصناف
المنافقين، وعليه خرّج ما ورد في وصف أبي جهم بن حذيفة رضي الله عنه