كله، والشر كله، في آية واحدة، فوالله ما ترك العدل والاحسان شيئاً من
طاعة الله إلا جمعه، ولا ترك الفحشاء والمنكر والبغي من معصية الله شيئاً إلا
جمعه.
وروى ابن رجب من طريق أبي مسعود الجريري، حدثني شيخ في
مسجد الأشياخ، كان يحدثنا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينا نحن
حول مريض لنا، إذ هدأ وسكن، حتى ما يتحرك منه عرق، فسجيناه
وأغمضناه، وأرسلنا إلى ثيابه وصدره وسريره، فلما ذهبنا لنحمله لنغسله.
تحرك، فقلنا: سبحان الله، سبحان الله، ما كنا نراك إلا قد مت، قال: فإني قد مت وذهب بي إلى قبري، فإذا إنسان حسن الوجه، طيب الريح، قد وضعني في لحدي، وطواه بالقراطيس، إذ جاءت إنسانة سوداء منتنة الريح، فقالت: هذا صاحب كذا، وهذا صاحب كذا، أشياء استحي من ذكرها، كأنما أقلعت عنها ساعتئذ، قال: قلت: أنشدك الله أن تدعني، وهذه قالت: انطلق يخاصمك، فانطلقت، فإذا دار فيحاء واسعة، فيها مصطبة كأنها من فضة، وفي ناحية منها مسجد، ورجل قائم يصلي، فقرأ سورة النحل، فتردد في مكان منها، ففتحت عليه فانفتل، فقال: السورة معك؟. فقلت: نعم، فقال: أما إنها سورة النعم، ورفع وسادة قريبة منه، فأخرج صحيفة فنظر فيها، فبادرته السوداء، فقال: فعل كذا، وفعل كذا قال: وجعل الحسن الوجه يقول: وفعل كذا، وفعل كذا، يذكر محاسني، قال: فقال الرجل: عبد ظالم لنفسه، ولكن الله عزَّ وجلّ تجاوز عنه، لم يجيء أجل هذا بعد أجل هذا يوم الإثنين، فقال لهم: انظروا، فإن أنا مت يوم الإثنين فأرجو إلى ما رأيت، وإن لم أمت يوم الإثنين، فإنما هو هذيان الوجع، فلما كان يوم الإثنين صح، حتى بعد العصر، ثم أتاه أجله فمات.


الصفحة التالية
Icon