وروى عبيد الله بن محمد العَيْشِي في جزءيه، عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال: كان لكل قَبِيل من الجن مقعد من السماء يستمعون فيه
الوحي، وكان الوحي إذا نزل، سمع له صوت كإمرار السلسلة على
الصفوان - قال العيشي: يعني على الحجر - فلا ينزل على سماء إلا صُعقوا:
(حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٢٣).
ثم يقال: يكون العام كذا، ويكون العام كذا، فتسمع الجن
ذلك فتخبر به الكهنة، فتخبر الكهنة الناس، فيجدونه كما قالوا، فلما
بعث رسول الله - ﷺ - دحروا. فقالت العرب: هلك من في السماء، فجعل صاحب الإِبل ينحر كل يوم بعيراً وجعل صاحب البقر ينحر كل يوم بقرة، وصاحب الشاة يذبح كل يوم شاة، حتى أسرعوا في أموالهم، فقالت ثقيف وكانت أعقل العرب: يا آيها الناس عليكم أموالكم، فإنه لم يهلك من في السماء، وإن هذا ليس بانتشار، أليس ترون معالمكم من النجوم كما هي؟
فقال إبليس: لقد حدث اليوم حدث، ائتوني من تربة الأرض، فأتوه من
تربة كل أرض، فجعل يشمها، حتى أتى من تربة مكة، فشمها فقال: من
ههنا حدث الحدث، فنظروا فإذا النبي - ﷺ - قد بعث.