أن يكون الأغلب عليه المحو، لا يرى لنفسه صفة من الصفات، بل
يعدها في زمرة الأموات، وإلى أن المتحلى بالأعمال الصالحة الخالصة من أهل
القلوب من أرباب هذا الدين، قليل جداً.
وكان المنقوط آخرها، إشارة إلى أن نهاية المراتب عند أهل الحق: الجمع
بعد المحو والفرق.
وكان حرف الشفة من بين حروفها الميم، وهي ذات الدائرة المستوية
الاستدارة: إشارة إلى أن لأهل هذا الدين من الاجتماع، والانطباق عليه.
والِإطافة به، والِإسراع إليه، ما ليس لمن تقدمهم، وإلى أن لهم من القدم
الراسخ في القول، المقتطع من الفم، المختتم بالشفتين ما لا يبلغه غيرهم.
بحيث أنه لا نهاية له، مع حسن استنارته، بتناسب استدارته.
ثم إنك إذا بلغت نهاية الجمع في الأحرف، بأن جمعت أعداد
مسمياتها، وهو مائتان وثمانية وسبعون، إلى أعداد أسمائها، وهو خمسمائة
وأحد وثلاثون، بلغ تسعاً وثمانمائة سنة وفي السنة الموافقة لهذا العدد من
هجرة نبينا - ﷺ - وُلدت.
فكان الابتداء في أصل هذا الكتاب حينئذ بالقوة القريبة من الفعل.
وسنة ابتدائي فيه بالفعل وهي سنة إحدى وستين، في شعبان منها، كان سني
إذ ذاك قد شارف أربعاً وخمسين سنة وهو موافق لعد حرفي "دن" أمراً من
الدين، الذي هو مقصود السورة.
فكأنه برز الأمر إذ ذاك بالشروع في الكتاب، لتحصيل مقصودها.
وسنة وصولي إلى هذه السورة وهي سنة إحدى وسبعين، في شعبان منها، كان سني قد شارف أربعاً وستين سنة. وهو موافق لعدد أحرف دين، الذي هو مقصود السورة.
فأنا أرجو بهذا الاتفاق الغريب، أن يكون ذلك مشيراً إلى أن الله تعالى
يجمع بكتابي "نظم الدرر" الذي خصني بإلهامه، وادخرُه إلى أهل الدين جمعاً