بمعروف، كما قال تعالى: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: ١٥].
ومن العلماء من قال: إن نصيب الأبوين من الميراث إن كان قليلًا تصح الزيادة عليه بالوصية، وكذلك الأقربون من الورثة، إن كان نصيب أحدهم ضئيلًا لا يسمن ولا يغني من جوع، جاز زيادته بالوصية من الثلث، وذلك ما تفيده الآية. وقوله تعالى: بالمعروف، معناه بالأمر المعقول، فلا يزيد القادر ذا المال على ماله، ولكن يعطي الضعيف ذا الحاجة الذي لم يأخذ شيئًا من الميراث.
ودلت الآية الكريمة على جواز التدخل في الوصية إذا كان فيها ظلم للورثة بالميل الظالم أو كان فيها إثم كالوصية لخليلة، أو الوصية لحانة، فإنه يجوز في هذه الحال الدخول للإصلاح وتحويل الوصية إلى خير، ولذلك قرر بعض الفقهاء أخذًا من هذا أن إبطال الوصية الظالمة أو إصلاحها بحكم القضاء جائز.
ومن التابعين من قرَّر أنَّ الميت إذا ترك الوصية لأقاربه الضعفاء غير الوارثين، كانت لهم وصية، وأوجبها ابن حزم، والله -سبحانه وتعالى- يعلم المفسد من المصلح.
٢٠٣- هذا هو نظام الملكية بالخلافة، جعله القرآن إجباريًّا في الثلثين كما بينت السنة، وجعله اختياريًّا للوارث في الثلث، وأوجب أن يكون في غير إثم، وأنه يجب إبطاله إن كان إثمًا.
واختصَّ القرآن الكريم الأقارب الضعفاء الفقراء بإيجاب الوصية لهم بالمعروف، وقد وضحنا ذلك آنفًا.
وإذا وازنَّا نظام الملكية بالخلافة بأيِّ قانون من قوانين العالم في الماضي والحاضر، ما وصل إلى العدالة فيه نظام مهما يكن إحكامه.
ولقد تضافرت كلمة القانوينيين من علماء الغرب الذين اطلعوا على الشريعة أن أعدل نظام للملكية بالخلافة هو نظام الإسلام، فكل نظام للتوريث غير نظام الإسلام ظالم أو ناقص، وبذلك يعترف كل دارس منصف.
وإن هذا النظام جاء به القرآن الكريم، ونادى به -صلى الله تعالى عليه وسلم- الذي لم يدرس على معلّم، ولم يكن إلَّا في بلد أمي ليس فيه معهد ولا جامعة، أفليس هذا دليلًا قاطعًا على أنه من عند الله تعالى.
٢٠٤- وقد يقول قائل: إني أطلت في ذكر نظام الأسرة في القرآن، وربما يكون ذلك خروجًا عن الكلام في القرآن إلى الكلام في الأسرة.