لذلك بُهت "النمروذ" الذي كفر، حين حاجه إبراهيم -عليه السلام- فطلب منه أن يحول تعاقب الليل والنهار؛ فيقلب ويغيّر موازين الشروق والغروب فيأتي بالشمس من المغرب وقت الشروق أو النهار، ويأتي بها من المشرق آخر النهار؛ فأخرسته الحجة البالغة، وتجمد عقله أمام قدرة الخالق وحده "فأنى يؤفكون"، قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: ٢٥٨]، هذا من حيث إبداع البديع في خلق الليل والنهار، أما من حيث "التصوير القرآني" فنتعرض له بعلامات وبإشارات تفتح الطريق أمام الكتاب والباحثين.
الإعجاز في التصوير القرآني لليل والنهار:
أما من حيث النظم العجيب والإعجاز القرآني في التصوير؛ فالله عز وجل البديع في خلق الليل والنهار، هو سبحانه وتعالى أيضًا البديع في نظمه وتصويره القرآني، وقفت دونه أساطين الفصاحة والبلاغة عاجزة مبهورة، حتى قال أحدهم وهو الوليد بن المغيرة: "فإنه يعلو ولا يعلى عليه"، تأمل كيف ينسلخ النهار عن الليل، فيسود الظلام في الكون شيئًا فشيئًا، وتغيب الشمس رويدًا رويدًا، حتى تختفي؛ فيسود الظلام؛ وذلك مثل كشط الجلد عن لحم الشاة شيئًا فشيئًا، حتى ينكشف اللحم كله، والشأن في الجلد -بالنسبة للحم الذي تحته- أن يكون مضيئًا، فهو كالنهار للناظر، كما أن الشأن في اللحم تحت الجلد أن يكون مظلمًا للرائي، فهو كالليل، جاء ذلك في تصوير قرآني معجز حين عبر


الصفحة التالية
Icon