النهار عن الليل، وذلك من خلال تقابل وتزاوج بينهما في نسق قرآني بديع، ثم تعجب أيضًا لهذا النسق القرآني بين السماوات والأرض في الآية، وبين الليل والنهار، فالأرض مضيئة لانعكاس ضوء الشمس على سطحها، فتتأخر عن السموات -وهي مظلمة بالنسبة لنا- لتتلاءم وتتوازن مع تأخر النهار، هذا التفسير وأبلغ منه مهما بلغ دون ما جاء في التصوير القرآني للجعل بكثير وكثير، قال تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ، هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ [يونس: ٦٦، ٦٧] مرة واحدة.
وهذه الآية الأولى في التصوير القرآني "للجعل" من آيات الليل والنهار، التي بلغت ثلاثة عشر موقعًا غالبًا من القرآن الكريم في هذه الدراسة، وهذه بقية المواقع:
قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا﴾ [الإسراء: ١٢]، وجاء الجعل مرتين هنا، وقال تعالى: ﴿فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ [الأنعام: ٩٦]، والشمس مقترنة بالنهار لذلك وقعت بعد الليل مرة واحدة، وقال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا﴾ [الفرقان: