آخره، و ﴿وَأَدْبَارَ السُّجُودِ﴾ النوافل بعد المغرب أو الوتر بعد العشاء١، والتسبيح هنا في الليل أيضًا، وعلى ذلك فلم يجتمع الليل مع النهار في هذه الآية الثانية وإنما اقتصر على الليل، إلا إذا كان السجود كناية عن النهار لكثرة عدد فروضه في النهار، حيث يشتمل على الصبح والظهر والعصر والمغرب، بينما ينفرد الليل بصلاة العشاء فقط، وعلى ذلك فتدل الصورة القرآنية ﴿أَدْبَارَ السُّجُود﴾ على النهار، فيكون التصوير القرآني مع التسبيح مرتين.
وقال تعالى: ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ، وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ﴾ [الطور: ٤٨، ٤٩]، مرة واحدة، أي من الليل فسبحه، أي أثناء الليل، وإدبار النجوم بعد الفجر، وظهور ضوء النهار، لتختفي النجوم وتولي دبرها.
وقال تعالى: ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا﴾ [الإنسان: ٢٥، ٢٦]، مرة واحدة، فالبكرة تصوير لليل، والأصيل تصوير للنهار، ثم جاء التسبيح في الليل وحده غير مقترن بالنهار في الآية الثانية، أما من جعل البكرة والأصيل لطرفي النهار يقابل الليل في الآية، فيكون النهار متقدمًا على الليل.
تصوير الليل والنهار في آيات الاختلاف:
ويظهر الإعجاز في التصوير القرآني لآيات اختلاف الليل والنهار في النسق القرآني البديع، فحينما تلتقي -في آية واحدة أو موقف واحد-