تصوير الليل والنهار في آيات الإغشاء:
غشى غشيًا وغشيانًا، وأغشى إغشاء، وغشى تغشية، كلها بمعنى غطاه وستره تغطية وستره، وحل محله، فأغشى الليل والنهار، أي غطاه وستره فيعم الظلام ويسود الليل، وأغشى النهار الليل بمعنى غطاه وستره، فينتشر الضياء، ويسيطر النهار على الكون، وجاء الإغشاء في تصوير الليل والنهار مرتين في هذه الدراسة.
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأعراف: ٥٤]، فالإعجاز في التصوير القرآني يظهر في كل مرة حسب القراءات، فالقراءة المشهورة: ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ﴾ -بضم الياء وكسر الشين غير المشددة، ونصب الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات-، بمعنى يغطي الليل النهار ويستره ويطلبه حثيثًا، كما يطلب الشمس والقمر والنجوم حالة كونها مسخرات بأمره؛ وإن كان البعض قد نصب الشمس وما بعدها بالفعل "خلق" عطفًا على السماوات والأرض، وإن طال العطف هنا وفصل بقول تعالى: ﴿فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا﴾.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائي بتشديد الشين ورفع النهار ونصب اللليل، والمعنى: يستر النهار الليل ويغطيه، فيضيء الدنيا ويسيطر النهار على الكون، ومن هنا كان حسن التلاؤم وروعة الاتساق حين تجاورت