رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه"، "ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه" متفق عليه، وما أشد حاجة الإنسان من حياته إلى قوة الإرادة وصدق العزيمة وحاجة الأمة الإسلامية إلى أمثاله من المؤمنين الأقوياء الصادقين.
ومن أخلاق الصيام تربية النفس على تحمل المكاره والمشقات والصبر عليه، فالصائم حين يصبر فيمنع نفسه وهواها من ضروريات الحياة وقوامها، وما به حياتها أو موتها، فيكف عن الطعام والشراب وهو ضروري من ضرورات الحياة، لهو قادر على أن يمنع نفسه من الشهوات والملذات ومغريات الحياة وهوى النفس ونزغات الشيطان، فأمرها أهون، فهو "شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة" كما يقول النبي -صلى الله عليه وسلم، وقال أيضًا: "فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل إني صائم إني صائم"، قال الله تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر: ١٠]، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ آخر سورة آل عمران.
فالمؤمن الصابر تهون أمامه كل الشدائد والمشقات في بناء الحياة وتقدمها، لا يكلّ ولا يملّ، ولا يعجز ولا يضعف، ولا يفرّ ولا يجبن، ولا يحزن ولا يجزع، فهو مؤمن بقضاء الله وقدره "ومن لم يرضَ بقضائي فليخرج من تحت سمائي وليتَّخذ ربًّا سواي"، ولولا الصبر والثبات للسلف الصالح لما كان لهم هذا المجد الكبير الذي حيَّر العقول وهوَّن أمر الشعوب من بعدهم، ومن هنا كان الصبر نصف الإيمان، قال تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاة﴾.