رواه الترمذي.
ومن أخلاق الصيام أن يسود النظام وتعم المساواة بين أقطار الأمة الإسلامية قاصيها ودانيها، فكلهم في أيام معدودات يصومون شهرًا جميعًا، ويصلون التراويح جميعًا، ويتوقعون ليلة القدر جميعًا، ويُسرعون إلى الإفطار جميعًا، وينوون الصيام بعد السحور جميعًا، ويتصدقون بصدقة الفطر جميعًا، ويختلفون بعيد الفطر جميعًا، فتصير الأمة في كل شهر كالجسد الواحد، تنتظم أعضاؤه بروح واحدة في اتساق وجمال ومساواة وتناظر، ويجتمعون على قلب رجل واحد في وحدة واعتصام وهيبة ووقار، قال تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾، ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾.
ومن أخلاق الصيام: تنمية غريزة المراقبة لله -عز وجل- في السر والعلن، وغرسها في النفس، فتنشأ من مراقبة القلب لله طول اليوم وهو صائم، فهو على يقظة تامة وحذر شديد من الوقوع فيما يفطر أو يغضب الله -عز وجل، ومن مراقبة الله وتذكره دائمًا أثناء الإفطار والسحور وما بينهما في قيام الليل والتهجد فيه، فيشتغل القلب بذكر الله ومراقبته بالنهار والليل، وهكذا حتى ينتهي الشهر، وبذلك تقوى غريزة المراقبة لله، ويظل القلب عامرًا بها طول العام، بل الدهر كله، فيكون الصيام وقاية من الوقوع في المعاصي، وتقوى له حفظًا مما يغضب الله -عز وجل، قال النبي -صلى الله عليه وسلم: "الصوم جنة ما لم يخرقها"، وقال: تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾.