﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ﴾، وغيرها من الكنايات المهذبة الراقية في أدب التعبير عن ذلك.
لكن التصوير القرآني هنا آثر التعبير عن الرفث في شهر الصيام لأغراض بلاغية وأخلاقية، منها: إباحة مشروعية الجماع في ليالي رمضان بعد أن كان محرمًا، فكنَّى بالرفث عن إباحته للصائم ليلة الصيام، لا في النهار ولا في المساجد أثناء الاعتكاف، قال ابن عباس -رضي الله عنه: "إن الله -عز وجل- كريم حليم يكني عن الجماع"، قال تعالى: ﴿فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾، ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٨٧]، قال البراء رضي الله عنه: "لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، وكان الرجال يخونون أنفسهم، فأنزل الله عليهم: ﴿عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٧].
كما تفيد إيثار كلمة الرفث إباحة كلام النساء من الجماع في ليالي رمضان ومقدماته، ويفيد ذكر الرفث أيضًا الإقلال من الجماع في ليالي رمضان والزهد في مباشرة النساء، والتنفير من الملذات والشهوات، لينصرف الصائم إلى شهر العبادة وإلى التحلِّي بالزهد والصيام، والاشتغال بالصلاة وقراءة القرآن وعمل الطاعات، وخاصة في العشر الأواخر، كما في الحديث الشريف كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل العشر الأواخر شدَّ مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله، وفي رواية أخرى: وطوى فراشه واعتزل النساء.
وما أروع التصوير القرآني للمباح في الصيام، والترخص فيه،


الصفحة التالية
Icon