حثَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- في أدب بليغ يتردَّد صداه في جوانب النفس وحنايا الوجدان: "كل مولود يُولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" أخرجه البخاري ٤١٠/ ١، ورغب في مخالطة الأخيار، ونهى عن مجالسة الأشرار "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" رواه أبو داود والترمذي والحاكم، وقال أيضًا: "إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك: إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبًا، ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة" رواه مسلم ٤/ ٢٠٢٦، وقال أيضًا: "لا تصاحب إلا مؤمنًا، ولا تأكل إلا مع تقي" رواه أبو داود في ٥/ ١٦٧، والترمذي برقم ٢٣٩٧؛ لذلك قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا﴾ [النساء: ٣٨]، ﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [الكهف: ٢٨]، ﴿فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ [النجم: ٢٩]، ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا، يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا، لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا﴾ [الفرقان: ٢٧-٢٩]، ويقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
فلا تصحب أخا الجهل... وإياك وإياه
فكم من جاهل أردى... حليمًا حين آخاه
يقاس المرء بالمرء... إذا ما المرء ماشاه
وللشيء من الشيء... مقاييس وأشباه
وللقلب على القلب... دليل حين يلقاه١