وكذلك محبة المسلمين جميعًا، لأنهم إخوته، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الحجرات: ١٠]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشدُّ بعضه بعضًا"، وقال أيضًا: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى".
وأما غريزة التدبُّر في ملكوت الله -عز وجل- تخرّج النشء من إسار التقليد الأعمى إلى بروز شخصيته في الاستقلال في الرأي والفكر، فلا يكون تابعًا للغير، يستجيب لكل صيحة، ويطير وراء كل هيعة، ويهيم خلف كل ناعق، ولهذا علمه الرسول الكريم الاستقلال بالرأي، فيختار الحسن، ويتجنَّب السيء، قال النبي -صلى الله عليه وسلم: "لا يكن أحدكم إمعه، يقول أنا مع الناس إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم" "رواه أبو داود وابن ماجه"، فيتعلم النشء التدبر في ملكوت الله، قال تعالى: ﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ، وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ، وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ، وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ﴾ [الغاشية: ١٧- ٢٠]، وقال تعالى: ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ، أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا، ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا، فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا، وَعِنَبًا وَقَضْبًا، وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا، وَحَدَائِقَ غُلْبًا، وَفَاكِهَةً وَأَبًّا، مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ﴾ [عبس: ٢٤- ٣٢]، وقال تعالى: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا


الصفحة التالية
Icon