الفقه الإسلامي والشريعة السمحاء، وهذا ما سيعني به بحث "منهج الإسلام وأخلاقه في العقود والمعاملات"، نسأل الله -عز وجل- أن تجتمع أمة الإسلام على تطبيقه والعمل به، وأن تسير على نهجه القويم، قال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، في تصوير قرآني معجز.
ولما كانت هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس، اقتضت شريعة الله -عز وجل- نظامًا اقتصاديًّا متكاملًا يشتمل على الجوانب: الروحية، والمادية، والوجدانية النفسية، والعقلية، والإنسانية، والأخلاقية لتسير الحياة على أكمل وجهٍ بما يتلاءم مع نضوج العقل البشري، واتزان الوجدان النفسي، لذلك كان الهدف من التشريع الإسلامي كمال الأخلاق وتمامها، قال النبي -صلى الله عليه وسلم: "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، وقال أيضًا يُوضح أن التشريع الإسلامي جاء كاملًا شاملًا لكل جوانب الحياة والآخرة، وجاء أيضًا مكملًا ومتممًا لما خلت منه الرسالات السابقة، كطغيان المادية في اليهودية، وطغيان الروحية في المسيحية، وتعادل الجانبين في توازن واعتدال في الإسلام، فقال -صلى الله عليه وسلم- يوضح ذلك كله في إيجاز: "إنما مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتًا فأحسنه وجمَّله وجعل الناس يطوفون به، ويعجبون له، ويقولون: ما أحسن هذا البناء؟! وما أعظم هذا البناء؟! لولا موضع هذه اللبنة، وتلك الزاوية، فأنا اللبنة وأنا الزاوية وأنا خاتم النبيين"، وقال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: ٣].
وعلى ذلك تكون الشريعة الإسلامية بجميع جوانبها المادية