لأبي علي القالي "م ٣٥٦هـ"، ولما كان القرن الرابع الهجري، أصبح "الأديب" يطلق على الشاعر والكاتب والناقد فقط، قال ابن خلدون في حد الأدب: "هذا العلم لا موضوع له، وإنما المقصود منه عند أهل اللسان ثمرته، وهي الإجادة في فني المنظوم والمنثور على أساليبهم ومناهجهم، فيجمعون لذلك من كلام العرب ما عساه تحصيل به الملكة من شعر عالي الطبقة، وسجع متساوٍ في الإجادة"١.
وهكذا ظلَّ الأدب في العصر الحديث يطلق على الشعر والنثر الفني الجيد، الذي يترك المتعة الفنية عند القارئ والمتلقي، وما يتصل بهما من تاريخ الآداب ونقدهما والعلوم والثقافة؛ فالأدب عند الدكتور طه حسين هو مأثور الكلام نظمًا كان شعرًا أو نثرًا، ومؤرخ الأدب لا يكتفي بمأثور الكلام، وما يتصل به من علوم ومن دراسة تاريخ العقل الإنساني وتاريخ العلوم والفلسفة والفنون٢، ويقول الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي: "فالأدب هو كل كلام عبَّر عن معنى من معاني الحياة وجلًا صورة من صورها بأسلوب جميل، ولفظ بديع فتثير معانيه العاطفة، وتستثير بلاغته الإعجاب. فإن أجود البيان نثره ونظمه ما صدر عن الطبع وجاء عفو القريحة من غير تكلف ولا استكراه ولا إغراب، ومتى كان الكلام جيدًا على هذا النحو فهو الذي نسميه أدبًا"٣.
والأدب يختلف من عصر إلى عصر، لذلك قسمه الأدباء والنقاد إلى عصور أدبية على النحو التالي: العصر الجاهلي، وعصر صدر
٢ الأدب الجاهلي: ١/ ١٨، ١٩.
٣ الحياة الأدبية في العصر الجاهلي: د. محمد عبد المنعم خفاجي ص٤.