الأدب القرآني:
أعتقد أنه من المسلمات، التي لا تقبل الجدل ولا المناقشة أن وصف الأدب بالقرآنيّ كالعنوان، أو إضافته إلى القرآن الكريم مثل قولنا: "أدب القرآن" تضفي على الأدب سمات القرآن وخصائصه؛ فيُتخذ طريقًا ومنهجًا مخالفًا للأدب العربي ونقده، ولا يظن عاقل أن نتعامل مع أدب القرآن، كما نتعامل مع الأدب العربي ونقده، فهذا شيء آخر ومختلف تمامًا.
والقرآن مصدر "قرأ"، مثل: "غفر غفرانًا"، ثم صار اسمًا وعلمًا على كتاب الله المقدس لأمة محمد -صلى الله عليه وسلم، كما اتفق علماء اللغة على أن "قرأ" تشتمل على معاني الجمع والتلاوة؛ لأن من يتلو صفحة، يجمع بين حروفها وكلماتها قبل أن يتلوها، لذلك ذهب ابن عباس -رضي الله عنه- إلى أنها بمعنى التلاوة، أي قرأت الكتاب بمعنى تلوته، قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ [الإسراء: ٧١]، ورأيه لا يختلف عن رأي قتادة -رضي الله عنه- من أن "قرأ" بمعنى الجمع والتأليف، فما أعدّ الكتاب إلا ليقرأ؛ لذلك جمع بينهما القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ، فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٧-١٨]، وفسَّرها ابن عباس -رضي الله عنه: أي: إن علينا جمعه وتلاوته عليك، فإذا تلوناه فأتبع تلاوته. فهما لا يفترقان، بل يتعلَّق أحدهما بالآخر، ولا ينفصل أحدهما عن الآخر، فهما متلازمان، فالقرآن اسم للتنزيل كما جاء في القاموس المحيط، وورد القرآن باسم الكتاب كثيرًا، قال تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا﴾ [الكهف: ١]،