بـ "الجلال"، لا بالجمال والحلاوة فقط؛ لأن الله تعالى وحده، جل جلاله هو الذي يتصف بـ"الجلال"، ولا يتعارض هذا مع وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- لربِّه بالجمال في الحديث الشريف: "إن الله جميل يحب الجمال" فالموقف هنا مختلف تمامًا، لأنه -صلى الله عليه وسلم- يرد على سؤال اعترض به السائل لعدم فهمه الصحيح للكبر فقال: "إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنًا"، فردَّ عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- منكرًا فهمه للكبر وموضحًا له مفهومه الصحيح فقال: "الكبر بطر الحق وغمط الناس"، وأسباب الاختلاف أيضًا فيوصفه لله تعالى بالجمال كثيرة، منها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يحكم على آية من كتاب الله - عز وجل-، ومنها التقريب لمفهوم الكبر بما يتعامل معه السائل من المحسات ومن مظاهر الواقع المألوف، حتى يقرب المعنى إلى عقله فيتضح معناه، وكذلك الأمر لا يختلف في التفسير عن وصف الله بالطيب في حديث شريف: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا"، فهو مختلف تمامًا، فالطيب للتمييز بين ما هو حلال أو حرام، كما أن الجميل والطيب ليسا من أسماء الله الحسنى، فهو سبحانه وتعالى "الجليل" جلَّ جلاله.
والأمر أيضًا مختلف كثيرًا عما صدر من الكافر الوليد بن المغيرة حين حكم على الآيات التي سمعها من النبي -صلى الله عليه وسلم- بالحلاوة والطلاوة، لأن هذا الوصف صادر عن كافر معاند، لا من مؤمن يؤمن بالله تعالى، ولابكتابه المقدس، فلا يملك الوليد مع إعجاز القرآن الكريم، إلا أن يصفه بهذه الكلمات على الرغم من أنفه، فقال: "والله لقد سمعت من محمد آنفًا كلامًا ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لمغدق، وإن أعلاه لمثمر، وإنه يعلو ولا يعلو... ما يقول هذا بشر".