يفسّروا هذه الحقائق الثابتة -لا المفترضة- من خلال إشارات التصوير القرآني إلى طليعة التقدم العلمي في كل عصر، بما لا يتعارض مع تفسيرات السابقين ولا اللاحقين؛ لأن هذه الإشارات والتأويلات يجب ألا تقصر القرآن الكريم عليها فقط؛ فلا يتعدَّاه إلى غيرها، ولا تطلق الأحكام إطلاقًا عامًّا على سبيل الجزم واليقين، بحيث لا يتجاوزه إلى حقائق أخرى تتجدَّد مع الزمان والمكان والأجيال، كالشأن في القرآن الكريم الكتاب المقدس الخالد.
هذا المنهج يفتح المجال للتفكير والبحث والتقدم العلمي القائم على القيم الروحية والخلقية في كل عصر إلى يوم القيامة، وهو ما حثّ عليه القرآن الكريم والسنة الشريفة، لأن حقائق القرآن ثابتة لا تخضع لنظرية علمية أو تفسير كوني أو إنساني يختلف من عصر إلى عصر، وعلى سبيل المثال ما قبل في تفسير إشارة التصوير القرآني لحركة الشمس في مجرة فلكها في قوله تعالى: ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ [يس: ٣٨]، فهذا التأويل لإشارة الآية مقبول في عصرنا، ولايتعارض مع الحقيقة العامة في القرآن الكريم، ولا مع جميع مراحل تفسيرها قديمًا وحديثًا، ولا تقصر الآية عليها؛ فلا تتعدَّاه في المستقبل إلى غيرها من الإشارات والتأويلات، التي سيصل إليها التقدم العلمي في المستقبل، حين يفسر العلماء جريان الشمس في مجرة فلكها تفسيرًا علميًّا آخر، لا يتعارض مع ما سبقه من إشارات وتأويلات، وهكذا في غيرها من الحقائق الكونية، التي يشير إليها التصوير القرآني المعجز، لتقدم العقل البشري وعلومه في كل عصر، ولا تتعارض مع نص قرآني مطلقًا.