تستخدم عودين جافين، أحدهما من شجر "المرخ"، والآخر من شجر "العفار" حيث أكدت التجربة أنها أكثر استجابة لهذا الغرض، واستمرت بعض القبائل البدائية في أنحاء العالم تستخدم وسيلة احتكاك الأعواد حتى مطلع القرن الحالي، لانقطاعها وعزلتها عن بقية العالم، ولكن العالم انفتح واتصل، وانمحت تلك الوسائل البدائية وأصبحت في عداد التاريخ.
ومن الوسائل البدائية أيضًا في إيقاد النار، إحداث شرارة بضرب أحد الأحجار الصلدة بأخرى تماثلها صلادة، وكان الصوان هو الحجر الأكثر صلاحية لهذا الغرض، فكانت تقرب منه عند ضربه بعضًا من عهن الصوف، أو بعض الحشائش الجافة فيلتقط شررها، والمثل القديم يقول: معظم النار من مستصغر الشرر.
وعرفت الحضارة البشرية فلز الحديد وشاع استعماله منذ الألف الأخيرة قبل ميلاد المسيح، وللحديد منافع للناس، ومن هذه المنافع أنه يتطاير شرر كثير عند قدح قطة منه بقطعة من الصوان، فيسهل التقاط هذا الشرر للحصول على جذوة النار، والصوان متوافر في أنحاء العالم، فقلما يخلو مكان منه، فهو الحصى والرمال السيليسية.
وقد أقسم الله تعالى في سورة العاديات بخيل الجهاد جينما تعدو، فيخرج الشرر بوقع حوافرها التي تكسوها الحدوة الحديدية على حصى الصحراء "وهي حصى سيلسية"، فتكون بمثابة القداحة التي توري الشرر:
﴿وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً، فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً﴾ [العاديات: ١-٢].
وفي القرون الوسطى حينما اخترع الإنسان المدفع والبندقية، كآلتين للاعتداء والدمار، كان اعتماده في إيقاد شحنة البارود التي يملأ بها مدفعه، أو بندقيته هو "الزناد" ولم يكن هذا الزناد إلا قداحة من قطعة من الحديد تصطدم بها قطعة مسنة الجانب من الصوان.


الصفحة التالية
Icon