وفي أواخر العصر الحجري الحديث اكتشف الذهب، والنحاس الموجودين في الطبيعة في صورتهما الفلزية، واستخدمهما باعتزاز كبير لندرتهما، ولقيمتهما الجمالية.
ثم عرف الإنسان في نهاية العصر الحجري الحديث كيف يحصل على فلز النحاس باستخدام النار في صهر أملاح النحاس الخضراء والزرقاء، فكان هذا أول ممارسة عملية لعلم "الميتاليرجي Metallurgy" وقد عرفت هذه المرحلة الحضارية بالمرحلة الكالكوليثية chalcolithic وهي التي جمع فيها الإنسان بين استخدامه للأدوات الحجرية، واستخدامه للأدوات النحاسية التي استخلصها من خاماتها.
ثم دخلت البشرية أزمان الحضارات المسجلة بالكتابة، وهي لذلك تسمى الحضارات التاريخية، فتعددت الخامات التي استخدمها الإنسان من أحجار الأرض ومعادنها، وتعددت منتجاته الزراعية وتحسنت طرق الزراعة والري.
وصارت على الأرض أمم، لكل واحدة كيان اجتماعي واقتصادي، وصفات مترابطة في اللغة والعادات والدين، وأصبح داخل كل أمة تخصص في إنتاج السلع وفي تبادلها، وكان التبادل التجاري مقتصرًا على تبادل السلع، سلعة بسلعة، ثم اتفق على جعل المال وسيلة للتبادل التجاري، وهنا ازدادت أهمية الذهب والفضة، وإلى حد ما النحاس، وهي المواد التي وجدت الأكثر صلاحية للاستخدام كنقود.
وما أن عرف الإنسان استخلاص فلز النحاس من خاماته بالصهر حتى بحث عن معادن أخرى ليعالجها بمقدار ما حصل عليه من معرفة، وهكذا استطاع أن يستخلص الرصاص والفضة من معادنهما، واستلخص القصدير منذ حوالي ٣ آلاف عام قبل


الصفحة التالية
Icon