ويحدث أن يترسب بعض منها تحت ظروف جيولوجية معينة؛ فيترسب بعضها عن طريق نشاط عضوي، ويترسب بعضها عن طريق نشاط كيميائي غير عضوي، فتخرج الأملاح بذلك من كونها أملاحا ذائبة في مياه البحار، وتتحول إلى تكوين صخري رسوبي، وتنضم إلى اليابسة، إلا أن دورة الماء تعود فتذيب قدرا من تلك الأملاح باستمرار، وتجلبه مرة أخرى إلى مياه البحار، وهكذا تدخل أملاح في دورة مستمرة من الإذابة والترسيب.
وقد شاءت قدرة الله ورحمته التفرقة بين الماء العذب والماء والملح، وله -سبحانه- في ذلك حكمة.
﴿لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ﴾ [الواقعة: ٧٠].
﴿هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ﴾ [فاطر: ١٢].
﴿وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا﴾ [الفرقان: ٥٣].
فلا تستقيم حياة البشر وحياة بقية سكان اليابسة من سائر الحيوان والنبات إلا بوجود الماء العذب.
وعلى الجانب الآخر، فقد رأينا كيف أن مياه المحيطات، والبحار هي في حقيقة الأمر مخزن هائل من الأملاح، مما ينفع الناس، كما أن من رحمة الله أن جعل لمياه المحيطات، والبحار القدرة "بملوحتها" على القضاء على "أسن" ما يصب فيها من مياه "آسنة"، فكأنها خزانات هائلة لتطهير تلك المياه القذرة.


الصفحة التالية
Icon