فقال الله سبحانه: يا جبرائيل اذهب إلى محمد- وربّك أعلم- فاسأله ما يبكيك؟ فأتاه جبرائيل، فسأله فأخبره رسول الله ﷺ فقال الله سبحانه: يا جبرائيل اذهب إلى محمد، فقل: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك «١».
ويروي أن النبي ﷺ قال لمّا نزلت هذه الآية: «إذا لا أرضى وواحد من أمتي في النار» [١٦٥] «٢».
وقال جعفر بن محمد: دخل رسول الله ﷺ على فاطمة رضي الله عنها وعليها كساء من جلد الإبل، وهي تطحن بيدها، وترضع ولدها، فدمعت عينا رسول الله ﷺ لمّا أبصرها، فقال: «يا بنتاه تعجّلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة، فقد أنزل الله عليّ: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى [١٦٦] «٣».
ثم أخبر الله سبحانه، عن حاله (عليه السلام) التي كان عليها قبل الوحي، وذكّره نعمه، فقال عزّ من قائل: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى.
أنبأني عبد الله بن حامد الأصبهاني قال: أخبرنا محمد بن عبد الله النيسابوري قال: حدّثنا محمد بن عيسى، قال: حدّثنا أبو عمر الحوصي، وأبو الربيع الزهراني، عن حمّاد بن زيد، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سألت ربي مسألة وددت أني لم أكن سألته، قلت: يا ربّ إنك آتيت سليمان بن داود ملكا عظيما، وآتيت فلانا كذا، وآتيت فلانا كذا، قال: يا محمد ألم أجدك يتيما فآويتك؟ قلت: بلى أي رب، قال:
ألم أجدك ضالا فهديتك؟ قلت: بلى يا رب، قال: ألم أجدك عائلا فأغنيتك؟ قلت: بلى أي رب»
[١٦٧] «٤».
ومعنى الآية: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً صغيرا فقيرا ضعيفا حين مات أبواك، ولم يخلفا لك مالا، ولا مأوى، فجعل لك مأوى تأوي إليه، ومنزلا تنزله، وضمّك إلى عمّك أبي طالب حتى أحسن تربيتك، وكفاك المؤونة.
سمعت الأستاذ أبا القاسم الحبيبي يقول: سمعت أبا نصر منصور بن عبد الله الأصفهاني يقول: سمعت أبا القاسم الاسكندراني يقول: سمعت أبا جعفر الملطي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت علي بن موسى الرضا يقول: سمعت أبي يقول: سئل جعفر بن محمد الصادق:
لم أوتم النبي ﷺ عن أبويه؟ فقال: لئلّا يكون عليه حق لمخلوق «٥».

(١) صحيح مسلم: ١/ ١٣٢. جامع البيان للطبري: ١٣/ ٣٠٠.
(٢) تفسير القرطبي: ٢٠/ ٩٦.
(٣) شواهد التنزيل: ٢/ ٤٤٥. فتح القدير: ٥/ ٤٦٠.
(٤) أسباب نزول الآيات: ٣٠٣. مستدرك الحاكم: ٢/ ٥٢٦.
(٥) مسند زيد بن علي: ٥٠٣. كشف الغمّة: ٢/ ٣١٨.


الصفحة التالية
Icon