وإسماعيل عليه السّلام «١».
وروى الزهري عن عروة بن الزبير قال: قلت لعائشة ما الصفا والمروة؟ قالت: قول الله:
إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ الآية، والله ما على أحد جناح ألّا يطوف بين الصفا والمروة فقالت: عائشة ليس ما قلت يا ابن اختي إن هذه لو كانت على ما أولها ما كان عليه جناح أن لا يطوف بهما، ولكنّها إنّما نزلت في الأنصار وذلك وأنهم كانوا قبل أن يسلموا يصلون لمناة الطاغية وهي صنم من مكّة والمدينة بالمشلل، وكان من أهل لها تخرّج أن يطوف بين الصفا والمروة. فلمّا أسلموا سألهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن ذلك. فقالوا: يا رسول الله إنّا كنا لا نطوف بين الصّفا والمروة لأنّهما صنمان. فهل علينا حرج أن نطوف بهما؟
فأنزل الله تعالى هذه الآية. ثمّ قالت عائشة (رضي الله عنها) قد سنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الطواف بينهما. فليس لأحد تركه.
قال الزّهري: قد ذكرت ذلك لأبي بكر بن عبد الرّحمن بن الحرث بن هشام.
فقال: هذا العلم.
وقال مقاتل بن حيّان: إنّ النّاس كانوا قد تركوا الطّواف بين الصفا والمروة، غير الحمس وهم قريش وكنانة وخزاعة وعامر بن صعصعة سموا حمسا لتشدّدهم في دينهم والحماسة الشّجاعة والصّلابة، فسألت الحمس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن السعي بين الصفا والمروة أمن شعائر الله أم لا؟، فإنّه لا يطوف بهما غيرنا فنزلت هذه الآية.
واختلف العلماء في هذه الآية فقال الشافعي ومالك: الطواف بين الصفا والمروة فرض واحد ومن تركه لزمه القضاء والإعادة فلا تجزيه فدية ولا شيء إلّا العود إلى مكّة والطّواف بينهما كما لا يجزي تارك طواف الافاضة إلّا قضاؤه بعينه.
وقالا: هما طوافان واجبان أمر بهما أحدهما بالبيت والأخر بين الصفا والمروة وحكمها واحد.
وقال الثوري وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمّد: إن عاد تارك الطواف بينهما لقضائه فحسن وان لم يعد فعليه دم ورأوا أنّ حكم الطواف منهما حكم رمي بعض الجمرات والوقوف بالمعشر وطواف الصدر وما أشبه ذلك ممّا يجزي تاركه بتركه فدية ولا يلزمه العود لقضائه بعينه.
وقال أنس بن مالك وعبد الله بن الزّبير ومجاهد وعطاء: الطواف بهما تطوّع إن فعله فاعل يكن محسنا، وإن تركه تارك لم يلزمه بتركه شيء، واحتج من لم يوجب السّعي والطواف بينهما

(١) تفسير الطبري: ٢/ ٦٥. [.....]


الصفحة التالية
Icon