ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا «١» أي عاقبته، وأصله من قول العرب: تأول الفتى إذا انتهى.
قال: الأعشى:
على أنّها كانت تأوّل حبها... تأوّل ربعي السقاب فأصحبا «٢»
يقول: هذا السجي لها فانقرت لها وابتغتها، قال الله تعالى: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ واختلف العلماء في نظم هذه الآية وحكمها.
فقال قوم: الواو في قوله الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ واو العطف، يعني أن تأويل المتشابه يعلمه الله ويعلمه الراسخون في العلم وهم مع علمهم يقولون: آمَنَّا بِهِ.
وهو قول مجاهد والربيع، ومحمد بن جعفر بن الزبير، واختيار القتيبي قالوا: معناها يعلمونه ويَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ فيكون قوله: يَقُولُونَ، حالا والمعنى: الراسخون في العلم قائلين آمنّا به.
قال ابن المفرغ الحميري:
أضربت حبك من امامه... من بعد أيام برامه
الريح تبكي شجوها... والبرق يلمع في الغمامة «٣»
أراد والبرق لا معا في غمامه وتبكي شجوه أيضا، ولو لم يكن البرق يشرك الريح في البكاء لم يكن لذكر البرق ولمعانه معنى.
ودليل هذا التأويل قوله: ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ «٤». ثم قال: لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ «٥» الآية.
ثم قال: وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ «٦» : أي والذين تبؤوا الدار، ثم قال: وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ. ثم أخبر عنهم أنّهم يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا «٧» الآية.
ولا شك في أنّ قوله: وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ عطف على قوله: وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ

(١) سورة النساء: ٥٩.
(٢) الربعي: نتاج الربيع، وأصحب الرجل: إذا بلغ ابنه، والبيت في تفسير الطبري: ٣/ ٢٥٠. [.....]
(٣) تفسير القرطبي: ٤/ ١٧، واحكام القرآن للجصّاص: ٢/ ٧.
(٤) سورة البقرة: ١٧٧.
(٥) سورة الحشر: ٨.
(٦) سورة الحشر: ٩.
(٧) سورة الحشر: ١٠.


الصفحة التالية
Icon