وروى الحسن عن عبد الله بن معقل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لولا أنّ الكلاب أمّة من الأمم لأمرت بقتلها فاقتلوا منها الأسود البهيم وأيما قوم اتخذوا كلبا ليس بكلب حرث أو صيد أو ماشية نقصوا من أجورهم كل يوم قيراطا» «١» [١٨].
عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «من اقتنى كلبا ليس كلب صيد ولا ماشية ولا أرض فإنه ينتقص من أجره قيراطان كل يوم» «٢» [١٩].
والحكمة في ذلك ما
روى أبو بكر بن أبي شيبة عن عبد الرزاق السريعي قال: قيل لعبد الله بن المبارك: ما تقول في قول المصطفى صلى الله عليه وسلّم: «من اقتنى كلبا لا كلب صيد ولا ماشية نقص من عمله كل يوم كذا وكذا من الأجر» «٣» [٢٠].
فقال حدّثني [الأصمعي] قال: قال أبو جعفر المنصور لعمرو بن عبيد: ما بلغك في الكلب؟ قال: بلغني أن من أخذ كلبا لغير زرع ولا حراسة نقص من أجره كل يوم قيراط. فقال له: ولم ذلك؟ قال: هكذا جاء الحديث، قال: خذها بحقّها إنّما ذلك لأنّه ينبح على الضيف ويروع السائل «٤».
وكانت أسخياء العرب تبغض الكلاب لهذا المعنى وتذم من ربطه وهمّ بقتله.
قال الثعلبي: أنشدني أبو الحسن الفارسي قال: أنشدني أبو الحسن الحراني البصري أنّ بعض شعراء البصرة نزل بعمّار فسمع لكلابه نبحا فأنشأ يقول:

نزلنا بعمار فأشلى كلابه علينا فكدنا بين بيتيه نؤكل
فقلت لأصحابي أسر إليهم إذا اليوم أم يوم القيامة أطول «٥».
قال عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير في هذه الآية قال: نزلت في عدي بن حاتم وزيد بن المهلهل [الطائيين] وهو زيد الخيل الذي سمّاه رسول الله صلى الله عليه وسلّم زيد الخير وذلك إنهما جاءا إلى النبي صلى الله عليه وسلّم قالا: يا رسول الله إنّا قوم نصيد الكلاب والبزاة فإن كلاب آل درع وآل حورية تأخذ البقر والحمر والظباء والضب فمنه ما يدرك ذكاته ومنه ما يقتل فلا يدرك ذكاته وقد حرّم الله الميتة فماذا يحل لنا منها فنزلت يَسْئَلُونَكَ يا محمد ماذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ: أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ يعني الذبائح التي أحلّها الله وَما عَلَّمْتُمْ يعني وصيد ما علمتم مِنَ الْجَوارِحِ.
(١) مسند أحمد: ٤/ ٨٥
. (٢) صحيح مسلم: ٥/ ٣٨
. (٣) مسند أحمد: ٢/ ٦٠
. (٤) تنوير الحوالك: ٦٩٧ ح ١٧٤٢،
. (٥) عمار: اسم شخص، والبيت في تفسير القرطبي: ٦/ ٧٤
.


الصفحة التالية
Icon