الربيع بن أنس: خَوْفاً وَطَمَعاً كقوله رَغَباً وَرَهَباً «١». وقيل: خوف العاقبة وطمع الرحمة، ابن جريج: خوف العدل وطمع الفضل. عطاء: خَوْفاً من النيران وَطَمَعاً في الجنان. ذو النون المصري: خَوْفاً من الفراق وَطَمَعاً في التلاق إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ وكان حقه قربته. واختلف النحاة فيه وأكثروا وأنا ذاكر نصوص ما قالوا.
قال سعيد بن جبير: الرحمة هاهنا الثواب. وقال الأخفش: هي المطر فيكون القريب نعتا للمعنى دون اللفظ كقوله تعالى وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ «٢» ولم يقل: منها، لأنه أراد بالقسمة الميراث والمال. وقال فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ «٣» والصواع مذكّر لأنّه أراد به القسمة، والميراث [كالمنشريّة] والسقاية.
وقال الخليل بن أحمد: القريب والبعيد يستوي فيهما المذكر والمؤنث والجمع [يذكر ويؤنث] يقول الشاعر:

كفى حزنا أنّي مقيم ببلدة أخلّائي عنها نازحون بعيد «٤»
وقال آخر:
كانوا بعيدا فكنت آملهم حتّى إذا ما تقربوا هجروا «٥»
وقال آخر:
فالدار منّي غير نازحة لكن نفسي ما كادت مواتاتي
[وقال سيبويه] : لمّا أضاف المؤنث إلى المذكّر. أخرجه على مخرج المذكر، وقال الكسائي: إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مكانها قريب كقوله: وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ أي إتيانها قريب.
قال النضر بن شميل: الرحمة مصدر وحق المصادر التذكير كقوله: فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ «٦» وقال الشاعر:
إنّ السماحة والمروة ضيمنا قبرا بمرو على الطريق الواضح «٧»
(١) سورة الأنبياء: ٩٠
. (٢) سورة النساء: ٨
. (٣) سورة يوسف: ٧٦
. (٤) تاريخ دمشق: ٥/ ٢٧
. (٥) ذيل تاريخ بغداد: ١/ ٢٠٢، والبيت لعبد الوهاب بن صباح
. (٦) سورة البقرة: ٢٧٥
. (٧) تفسير الطبري: ١٤/ ١٧٤
.


الصفحة التالية
Icon