فلما جمع الأرجل وثنّى الكعبين ثبت أن لكل رجل كعبين ويدل عليه
قوله صلى الله عليه وسلّم للمحرم: «فليلبس النعلين فإن لم يجد النعلين فليلبس [خفّين] وليقطعهما أسفل من الكعبين» «١» [٢٨].
فدلّ على أن الكعبين ما قلنا، إذ لو كان الكعب هو الناتئ من ظهر القدم لكان إذا قطع الخف من أسفله لم يكن استعماله ولا المشي فيه، والنبي صلى الله عليه وسلّم لا يأمر بإضاعة المال وإتلافه.
ويدل عليه ما
روي أيضا عنه صلى الله عليه وسلّم إنه مرّ في سوق مكّة يقول: «قولوا لا إله إلّا الله تفلحوا» «٢» [٢٩].
وأبو لهب يرميه من ورائه بالحجارة حتّى أدمى كعبيه «٣».
فلو كان ما ذهب إليه محمد بن الحسن، ما قيل: حتى أدمي، إذ رميت من ورائه.
ويدل عليه ما
روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «أقيموا صفوفكم أو ليخالفنّ الله بين قلوبكم» «٤»
، حتّى كان الرجل منّا يلزق كعبه بكعب صاحبه ومنكبه بمنكبه، فيدل عليه
قوله صلى الله عليه وسلّم:
«ويل للأعقاب والعراقيب من النار»
«٥» [٣٠] أصل الأعقاب والعراقيب إنما يحصل لمن غسل المنجمين.
وروى أبو إدريس عن أبي ذر عن عليّ كرم الله وجهه قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم في ملإ من المهاجرين إذ أقبل إليه عشرة من أحبار اليهود فقالوا: يا محمد إنا أتيناك لنسألك عن أشياء لا يعلمها إلّا من كان نبيّا مرسلا وملكا مقرّبا. فقال صلى الله عليه وسلّم: «سلوني تفقها ولا تسألوني تعنّتا» فقالوا:
يا محمد أخبرنا لم أمر الله بغسل هذه الأربعة المواضع وهي أنظف المساجد؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلّم:
«إنّ آدم لمّا نظر إلى الشجرة قصد إليها بوجهه ثم مشى إليها وهي أوّل قدم مشت إلى المعصية ثمّ تناول بيده وشمّها فأكل منها فسقطت عنه الحلي والحلل فوضع يده الخاطئة على رأسه فأمر الله عز وجل بغسل الوجه لما أنه نظر إلى الشجرة وقصدها وأمر بغسل الساعدين وغسل يده وأمر بمسح رأسه، إبتلته الشجرة ووضع يده على رأسه وأمر بغسل القدمين لما مشى إلى الخطيئة فلمّا فعل آدم ذلك كفّر الله عنه الخطيئة فافترضهنّ الله على أمتي ليكفّر ذنوبهم من الوضوء إلى الوضوء» [٣١].
قالوا: صدقت، فأسلموا.

(١) مسند أحمد: ٢/ ٣
. (٢) مسند أحمد: ٥/ ٣٧١ [.....]
. (٣) المصنّف لابن أبي شيبة: ٨/ ٤٤٢ بتفاوت
. (٤) كنز العمال: ٧/ ٦٣٠ وفيه: وجوهكم يوم القيامة، بدل: قلوبكم
. (٥) مسند أبي داود الطيالسي: ٣٠٢ بتفاوت
.


الصفحة التالية
Icon