مصر فجسرهم سنة وكانت أمّه عنق ويقال عناق إحدى بنات آدم، ويقال: إنّها كانت أوّل من بغت على وجه الأرض وكان كل إصبع من أصابعها ثلاثة أذرع وذراعين، وفي كل إصبع ظفران حديدان مثل المنجلين. وكان موضع مجلسها جريبا من الأرض. فلمّا بغت بعث الله عز وجل عليها أسدا كالفيلة وذئبا كالإبل ونسورا كالحمر وسلّطهم عليها فقتلوها وأكلوها.
قالوا: فلما لقيهم عوج وعلى رأسه حزمة حطب أخذ الإثني عشر فجعلهم في حجزته.
وحجزة الإزار معقد السراويل التي فيها التكّة. فانطلق بهم إلى امرأته وقال: أنظري إلى هؤلاء القوم الذين يزعمون أنهم يريدون أن يقاتلونا، فطرحهم بين يديها.
وقال: ألا أطحنهم برجلي، فقالت امرأته: لا بل خلّ عنهم حتّى يخبروا قومهم بما رأوا، ففعل ذلك فجعلوا يتعرّفون أحوالهم، وكان لا يحمل عنقود عنبهم إلّا خمسة أنفس منهم في خشبة ويدخل في شطر الرّمانة إذا نزع حبّها خمسة أنفس أو أربعة، فلمّا خرجوا قال بعضهم لبعض: يا قوم إنّكم إن أخبرتم بني إسرائيل خبر القوم ارتدّوا عن نبي الله ولكن اكتموا وأخبروا موسى (عليه السلام) وهارون فيكونان هما يريان رأيهما، فأخذ بعضهم على بعض الميثاق بذلك. ثم انصرفوا إلى موسى وحاول بحبّة من عنبهم وفرّ رجل منهم، ثم إنّهم نكثوا العهد، وكل واحد منهم نهى سبطه عن قتالهم ويخبرهم بما رأى، إلّا رجلان منهم يوشع وكالب»
، فذلك قوله تعالى وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً.
وقال الله لبني إسرائيل إِنِّي مَعَكُمْ ناصركم على عدوّكم.
ثم ابتدأ الكلام فقال عزّ من قائل: لَئِنْ أَقَمْتُمُ يا معشر بني إسرائيل الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ أي ونصرتموهم ووقرتموهم.
وأشعر أبو عبيدة:
وكم من ماجد منهم «٢» كريم | ومن ليث يعزّر في الندي «٣» |
وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً ولم يقل أقراضا، وهذا مما جاء من المصدر بخلاف المصدر كقوله فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ «٤» لَأُكَفِّرَنَّ لأستبرأنّ ولأمحونّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ أي أخطأ قصد
. (٢) في المصدر: لهم
. (٣) تفسير القرطبي: ٦/ ١١٤، والندي: مجلس القوم ما داموا مجتمعين فيه
. (٤) سورة آل عمران: ٣٧
.