وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ في التوحيد والنبوة فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بالعهد بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ألا وهو الخصومات والجدال في الدين.
قال معاوية بن قرة: الخصومات في الدين تحبط الأعمال «١» واختلفوا في المعنى بالهاء والميم في قوله بَيْنَهُمُ.
فقال مجاهد وقتادة والسدّي وابن زيد: يعني بين اليهود والنصارى.
وقال ابن زيد: كما تغري بين البهائم. وقال الربيع: هم النصارى وحدها، وذلك راجع إلى فرق النصارى النسطورية واليعقوبية والملكية، بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ في الآخرة ويجازيهم به وهذا وعيد من الله تعالى يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ التوراة والإنجيل مثل صفة محمد صلى الله عليه وسلّم وآية الرجم وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ويترك أخذكم بكثير ممّا تخفون قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ يعني محمد صلى الله عليه وسلّم وَكِتابٌ مُبِينٌ بيّن، وقيل: مبيّن وهو القرآن يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مجاهد وعبيد بن عمير ومسلم بن جندب: يُهْدِي بِهِ اللَّهُ بضم الهاء على الأصل لأن أصل الهاء الضمة، وقرأ الآخرون بكسر الهاء اتباعا. مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ رضاه ومعنى رضاه بالشيء قبوله ومدحه له فأثابه عليه وهو خلاف السخط والغضب وسُبُلَ السَّلامِ لطرف السلم وهو الله تعالى وسبيله دينه الذي شرع لعباده وبعث به رسله وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ أي من ظلام الكفر إلى نور الإيمان بِإِذْنِهِ بتوفيقه وهدايته وإرادته ومشيئته وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أي من يطيق أن يدفع من أمر الله شيئا فيرده إذا قضاء، وهو من قول القائل: ملكت على فلان أمره إذا ضلّ لا يقدر أن ينفّذ أمرا.
.