أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم «١» فيهم سبعون [صحابيا] الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ يعني كتبه في اللوح المحفوظ إنها لكم مساكن.
وقال ابن إسحاق: ذهب الله لكم. السّدي: أمركم به يدعو لها، وقتادة: أمروا بها كما أمروا بالصلاة وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ أعقابكم بخلاف الله فَتَنْقَلِبُوا.
قال الكلبي: صعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام جبل لبنان فقيل له: أنظر فما أدركه بصرك فهو مقدس وهو ميراث لذريّتك من بعدك، قالوا: يعني بني إسرائيل، يا موسى اكتموا أمرهم لا تخبروا به أحدا من أهل العسكر فيفشيانه فذهب كل رجل منهم فأخبر قريبه وابن عمّه إلّا رجلين وفيا. فقال لهم موسى: وهما يوشع بن نون بن أفراثيتم بن يوسف فتى موسى وكالب بن يوفنا ختن موسى على أخته مريم ابنت عمران وهما من إيليا فعلمت جماعة بني إسرائيل ذلك، ورفعوا أصواتهم بالبكاء، وقالوا: يا ويلتنا متنا في أرض مصر، وليتنا نموت في هذه البرية ولا يدخلنا الله لدينهم فيكون نساؤنا وأولادنا وأثقالنا غنيمة لهم، وجعل الرجل يقول لأصحابه: تعالوا نجعل علينا رأسا وننصرف إلى مصر وذلك قوله عز وجل إخبارا عنهم: قالُوا: يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها.
وقال قتادة: كانت لهم أجسام وخلق عجيب ليست لغيرهم وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ فلما قالوا ذلك وهمّوا بالانصراف إلى مصر خرّ موسى وهارون (عليهم السلام) ساجدين وخرق يوشع وكالب ثيابهما وهما اللذان أخبر الله عز وجل عنهما في قوله قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أي يخافون الله.
قرأ سعيد بن جبير يُخافُونَ بضم الياء وقال: كانا من الجبّارين فأسلما واتّبعا موسى أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا بالتوفيق والعصمة ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ يعني قرية الجبّارين فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ لأنّ الله منجز وعده ولا ينساهم فكانت أجسامهم عظيمة قوية، وقلوبهم ضعيفة فلا يخشونهم وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فأراد بنو إسرائيل أن يرجموهما بالحجارة وعصوهما قالُوا: يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ.
روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال لأصحابه يوم الحديبية حين صدّ عن البيت: إني ذاهب بالهدي فناحره عند البيت. فقال المقداد بن الأسود: أما والله لا نقول لك ما قال قوم موسى اذهب أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ، ولكنّا نقاتل عن يمينك وشمالك ومن بين يديك ومن خلفك فلو خضت البحر لخضناه معك، ولو تسنّمت جبلا لعلوناه معك فسر بنا على بركة الله، فلما سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم بايعوه على ذلك وأشرق وجه رسول الله صلى الله عليه وسلّم بذلك وسرّه.

(١) إلى هنا في تاريخ دمشق: ١/ ٣٢٧
.


الصفحة التالية
Icon