أصابها ولم يطلبها أولياؤه فلا يتبعه الإمام، على هذا قول مالك، والأوزاعي والليث بن سعد.
وقال بعضهم: إذا استأمن من وصايانا من قبل أن يقدم عليه قبل الله توبته ولا يؤخذ بشيء من جناياته التي سلفت فلا يكون لأحد قبله معه في دم ولا مال.
وهذا قول السدّي يدل عليه.
وروى الشعبي أنّ حارثة بن يزيد خرج محاربا في عهد علي ابن أبي طالب (رضي الله عنه) فأخاف السبل وسفك الدّماء وأخذ الأموال ثم جاء تائبا من قبل أن يقدر عليه فأتى الحسن بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) فطلب إليه أن يستأمن له فأتى ابن جعفر فأتى عليه فأتى سعيد بن قيس الهمدالي فقبّله وضمّه إليه فلمّا صلّى علي (رضي الله عنه) الغداة أتاه سعيد بن قيس. فقال: يا أمير المؤمنين ما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟
قال: أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ قال: ما تقول فيمن تاب قبل أن تقدر عليه فقال أقول: كما قال الله عز وجل إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ الآية.
فقال سعيد: وإن كان حارثة بن بدر، قال: نعم فجاء إليه فبايعه وآمنه وكتب له أمانا منشورا.
فقال حارثة:
ألا أبلغا همدان إما لقيتها | على النأي لا يسلم عدو يعيبها |
لعمر أبيها إن همدان تتقي الإله | ويقضي بالكتاب خطيبها «١» |
وروى الليث بن سعيد عن محمد بن إسحاق أن عليا الأسدي حارب وأخاف السبيل وأصاب الدم والمال فطلبته الأئمّة والعامّة فامتنع ولم يقدر عليه حتى جاء تائبا وذلك أنّه سمع رجلا يقرأ هذه الآية قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا «٢» الآية فوقف عليه، فقال: يا عبد الله أعد فأعادها عليه فغمد سيفه ثم جاء تائبا حتى قدم المدينة من السحر ثم اغتسل وأتى مسجد رسول
. (٢) سورة الزمر: ٥٣
.