سرق، قال: «اقطعوا يده» «١» [٦٧]. قال: ثم سرق فقطعت رجله ثم سرق على عهد أبي بكر حتى قطعت قوائمه كلها ثم سرق أيضا الخامسة فقال أبو بكر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم أعلم بهذا حين قال اقتلوه، ثم دفعوه إلى قبيلة من قريش ليقتلوه في عهد عبد الله بن الزبير وكان يحب الإمارة فقال: أمّروني عليكم فأمّروا عليه فكان إذا ضرب ضربوا حتى قتلوه
، ثم إذا قطع السارق فهل يغرم السرقة أم لا؟ فقال سفيان وأهل الكوفة: إذا قطع السارق فلا يغرم عليه إلّا أن يعيد المسروق فيعيدها إلى صاحبها.
وروى المسوّر بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «لا يغرم صاحب السرقة إذا أقيم عليه الحد»
«٢» [٦٨] قيل: هذا حديث مرسل أنس بن ثابت، وقال الزهري ومالك: إذا كان السارق موسرا غرّم.
وقال الشافعي: ثم يغرّم قيمة السرقة معسرا كان أو موسرا.
جَزاءً بِما كَسَبا. نصب جزاء على الحال والقطع قاله الكسائي. وقال قطرب: على المصدر ومثله نَكالًا أي عقوبة مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.
عن جعفر بن محمد قال: سمعت أبي يقول: ما سرق سارق سرقة إلّا نقص من رزقه المكتوب له
فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ أي سرقته، نظيره في سورة يوسف كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ «٣» أي السارقين وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ هذا ما بينه وبين الله تعالى فأما القطع فواجب. يدل عليه ما
روى يحيى بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحنبلي عن عبد الله بن عمرو:
إنّ امرأة سرقت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم فجاء بها الذين سرقتهم. فقالوا: يا رسول الله إن هذه المرأة سرقتنا، قال قومها: فنحن نفديها بخمس مائة دينار، فقال رسول الله: «اقطعوا يدها» فقطعت يدها اليمنى، فقالت المرأة هل لي من توبة؟.
قال: «نعم أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمك» «٤» [٦٩]. فأنزل الله في سورة المائدة فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ الآية.
معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وسلّم بقطع يدها فأتى أهلها أسامة فكلمته وكلم أسامة النبي صلى الله عليه وسلّم فيها فقال له النبي: «يا أسامة لا أزال تكلمني «٥» في حدّ من حدود الله» ثم قام النبي صلى الله عليه وسلّم خطيبا فقال: «إنما هلك من

(١) سنن النسائي: ٨/ ٨٩
. (٢) سنن النسائي: ٨/ ٩٣
. (٣) سورة يوسف: ٧٥
. (٤) مسند أحمد: ٢/ ١٧٧
. (٥) في المصدر: أتشفّع في حد
.


الصفحة التالية
Icon