نبوته قالوا: والله ما نعلم أهل دين أولى حظا في الدنيا والآخرة دينا ولا دنيا شرار دينكم. فأنزل الله هذه الآية
ثم قال: قُلْ يا محمد هَلْ أُنَبِّئُكُمْ أخبركم بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ الذين ذكرت يعني قولهم لم نر أهل دين أولى حظا في الدنيا والآخرة منكم فذكر الجواب بلفظ الابتداء وإن لم يكن الابتداء شرا كقوله تعالى للكفّار قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا «١» مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ ثوابا وجزاء وهو نصب على التفسير كقوله أَكْثَرُ مِنْكَ مالًا وَأَعَزُّ نَفَراً وأصلها مثووبة على وزن مفعوله وقد جاءت مصادر على وزن المفعول نحو المفعول والميسور فأسقط عين الفعل استثقالا على الواو ونقلت حركتها إلى فاء الفعل وهي الثاء فصار مثوبة مثل معونة ومغوثة ومقولة مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ ويجوز أن يكون محل من خفضا على البدل ومن قوله بِشَرٍّ أو على معنى لمن يلعنه الله ويجوز أن يكون رفعا على إضمار هو.
ويجوز أن يكون نصبا على إيقاع أُنَبِّئُكُمْ عليه وَغَضِبَ الله عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ فالقردة: أصحاب السبت. والخنازير: كفّار أهل مائدة عيسى.
وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: إن المسخين كلاهما من أصحاب نقبائهم مسخوا قردة ومشايخهم مسخوا خنازير، وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ فيه عشر قراءات، وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ بفتح الباء والعين والتاء على الفعل وهي قراءة العامة، وجعل منهم من عبد الطاغوت، وتصديقها قراءة ابن مسعود ومن عبدوا الطاغوت. وقرأ ابن وثاب وحمزة. عَبُدِ الطَّاغُوتَ بفتح العين وضم الباء وكسر الدال أراد العبد وهما لغتان عبد وعبد مثل سبع وسبع وقرد وقرد.
وأنشد حمزة في ذلك: كيف الصقيل القرد، بضم الراء ووجه آخر وهو إنه أراد الجمع أي خدم الطاغوت. فجمع العبد عباد ثم جمع العباد عبدا جمع الجمع مثل ثمار وثمر منهم استقبل الضمّتين المتواليتين فعرض من الأولى فتحه ولذلك في قراءة الأعمش وَعُبُدِ الطَّاغُوتَ بضم العين والتاء وكسر الدال.
قال الشاعر:

انسب العبد إلى آبائه أسود الجلدة من قوم عبد «٢»
وذكر عن أبي جعفر القاري: إنه قرأ وَعُبِدَ الطَّاغُوتُ على الفعل المجهول، وقرأ الحسن:
وَعَبْدَ الطَّاغُوتِ على الواحد.
قرأ أبو بردة الأسلمي: وعابد الطاغوت [باختلاف] «٣» على الواحد.
(١) سورة الحج: ٧٢.
(٢) تفسير مجمع البيان: ٣/ ٣٦٩.
(٣) هكذا في الأصل.


الصفحة التالية
Icon