مجاهد ومقاتل: يَهْدِيهِمْ بالنور على الصراط إلى الجنة يجعل لهم نورا يمشون به.
قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «إن المؤمن إذا خرج من قبره صوّر له عمله في صورة [حسنة وبشارة حسنة] فيقول له. من أنت فو الله أني لأراك امرأ صدق؟ فيقول له: أنا عملك، فيكون له نورا وقائدا إلى الجنة، والكافر إذا خرج من قبره صوّر له عمله في صورة سيئة وريح منتنة فيقول: من أنت فو الله إني لأراك امرء سوء؟ فيقول: أنا عملك فينطلق به حتى يدخله النار «١».
وقيل: معنى الآية: بإيمانهم يهديهم ربهم لدينه أي بتصديقهم هداهم تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ لم يرد أنها تجري تحتهم وهم فوقها، لأن أنهار الجنة تجري من غير أخاديد «٢». وإنما معناه أنها تجري من دونهم وبين أيديهم وتحت أمرهم كقوله تعالى: قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا «٣» ومعلوم أنه لم يجعل السري تحتها وهي عليه قاعدة وإنما أراد به بين يديها، وكقوله تعالى مخبرا عن فرعون: أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي «٤»، أو من دوني وتحت أمري فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ. دَعْواهُمْ قولهم وكلامهم فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ.
قال طلحة بن عبد الله سئل رسول الله صلى الله عليه وسلّم: عن سُبْحانَ اللَّهِ، فقال: هو تنزيه الله من كل سوء
، وسأل ابن الكوّا عليا عن ذلك فقال: كلمة رضيها الله لنفسه «٥».
قال المفسرون: [هذه نعمة علم بين له وعين الخدام في] «٦» الطعام فإذا اشتهوا شيئا من الطعام والشراب قالوا: سبحانك اللهم. فيأتوهم في الوقت بما يشتهون على مائدة، فإذا فرغوا من الطعام والشراب حمدوا الله على ما أعطاهم فذلك قوله تعالى: وَآخِرُ دَعْواهُمْ قولهم أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وما يريد آخر كلام يتكلّمون به ولكن أراد ما قبله.
قال الحسن: بلغني بأن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال حين قرأ هذه الآية: «إن أهل الجنة يلهمون الحمد والتسبيح كما يلهمون النفس»
«٧». وذلك قوله تعالى: دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها في الجنة سَلامٌ يحيّي بعضهم بعضا بالسلام وتأتيهم الملائكة من عند ربهم بالسلام.
قال ابن كيسان: يفتحون كلامهم بالتوحيد ويختمون بالتحميد.

(١) بتفاوت في الدر المنثور: ٣/ ٣٠١.
(٢) راجع تفسير الطبري: ١/ ٢٤٦.
(٣) سورة مريم: ٢٤.
(٤) سورة الزخرف: ٥١.
(٥) المصدر السابق: ١١/ ١١٩.
(٦) كذا في المخطوط.
(٧) ذيل تاريخ بغداد: ١/ ١٨٠.


الصفحة التالية
Icon