والمكروه منهم. قال مجاهد والسدي: أراد صدور خزاعة حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلّم وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ كربها ووجدها بمعونة قريش نكدا عليهم.
ثم قال مستأنفا وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ يهديه للإسلام كما فعل بأبي سفيان، وعكرمة ابن أبي جهل وسهيل بن عمرو وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وقرأ الأعرج وعيسى وابن أبي إسحاق:
وَيَتُوبَ على النصب على الصرف.
قوله أَمْ حَسِبْتُمْ أظننتم، وإنما دخل الميم لأنه من الاستفهام المعترض بين الكلام فأدخلت فيه أم ليفرّق بينه وبين الاستفهام والمبتدأ، واختلفوا في المخاطبين بهذه الآية: قال الضحاك عن ابن عباس قال: يعني بها قوما من المنافقين كانوا يتوسلون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالخروج معه للجهاد دفاعا وتعذيرا والنفاق في قلوبهم.
وقال سائر المفسرين: الخطاب للمؤمنين حين شقّ على بعضهم القتال وكرهوه فأنزل الله تعالى أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا ولا تؤمروا بالجهاد ولا تمتحنوا ليظهر الصادق من الكاذب، والمطيع من العاصي وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ في تقدير الله، والألف صلة جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً بطانة وأولياء يوالونهم ويفشون إليهم أسرارهم، وقال قتادة وَلِيجَةً: خيانة وقال الضحّاك: خديعة، وقال ابن الأنباري: الوليجة قال:
خيانة، والولجاء الدخلاء، وقال الليثي: خليطا وردا.
وقال عطاء: أولياء، وقال الحسن: هي الكفر والنفاق، وقال أبو عبيدة: كل شيء أدخلته في شيء ليس منه فهو وليجة، والرجل يكون في القوم وليس منهم ووليجة، وأصله من الولوج ومنه سمي [الكناس] الذي يلج فيه الوحش تولجا. قال الشاعر:
من زامنها الكناس تولّجا
فوليجة الرجل من يختصه بدخلة منها دون الناس يقال: هو وليجتي وهم وليجتي للواحد وللجميع. وأنشد أبان بن تغلب:

فبئس الوليجة للهاربين والمعتدين وأهل الريب «١»
وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ قراءة العامة بالتاء متعلق بالله بقوله: أَمْ حَسِبْتُمْ وروى الحسن عن أبي عمرو بالياء ومثله روى عن يعقوب أيضا.
ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ قال ابن عباس: لمّا أسر أبي يوم بدر أقبل عليه المسلمون فعيّروه بكفره بالله عز وجل وقطيعة الرحم وأغلظ عليّ له القول، فقال العباس:
(١) فتح القدير: ٢/ ٣٤٢.


الصفحة التالية
Icon