تبقى بعدكم» ثم قال: «الا أخبركم بخير ما يكنز المرء، المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرّته، وإذا أمرها أطاعته، فإذا غاب عنها حفظته» «١» [١٤].
وقال بعض الصحابة: هي في أهل الكتاب خاصة، وقال السدّي: هي في أهل القبلة، وقال الضحاك: هي عامة في أهل الكتاب وفي المسلمين، من كسب مالا حلالا فلم يعط حق الله منه كان كنزا وإن قلّ فكان على وجه الأرض، وما أعطي حق الله منه لم يكن كنزا وإن كان كثيرا ودفنه في الأرض.
عن زيد بن وهب قال: مررت بالربذة فإذا انا بأبي ذر فقلت له: ما أنزلك منزلك هذا؟ قال كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في هذه الآية وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الآية، فقال معاوية: نزلت في أهل الكتاب، فقلت: نزلت فينا وفيهم، وكان بيني وبينهم كلام في ذلك فكتب إلى عثمان رضي الله عنه يشكوني، فكتب إلي عثمان أن أقدم المدينة، فقدمتها فكثر الناس علي حتى كأنّهم لم يروني قبل ذلك فذكرت ذلك لعثمان فقال: إن شئت تنحّيت فكنت قريبا، فذلك الذي أنزلني هذه المنزل، ولو أمّروا عليّ جيشا لسمعت وأطعت.
وقال بعضهم: نزلت في مانعي الزكاة خاصة، وهو أولى الأقاويل بالصحة، يدلّ عليه ما
روى سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلّا حمي عليه في نار جهنم، فجعل صفائح فيكوي بها جبينه وجنباه حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرسله أمّا إلى الجنّة وأمّا إلى النار، وما من صاحب غنم لا يؤدي زكاتها إلا بطح لها بقاع قرقر كأوفر ما كانت فتطأه بأظلافها وتنطحه بقرونها ليس فيها عقصاء ولا جلجاء كلّما مضى عليه أخراها ردّت عليه أولاها حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يرسله إما إلى الجنة وأمّا إلى النار، وما من صاحب أبل لا يؤدي زكاتها إلا بطح لها بقاع قرقر كأوفر ما كانت [.........] «٢» كلّما مضى عليها أخراها ردّت عليه أولاها حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يرسله أما إلى الجنة وأما إلى النار» [١٥] «٣». قال سهيل: فلا أدري أذكر البقر أو لا؟
وروى ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يقول: «من ترك بعده كنزا مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يتبعه، يقول: ويلك ما أنت؟ فيقول: أنا كنزك الذي تركته بعدك، فلا يزال يتبعه حتى يلقمه يده فيقضمها، ثم يلقمه سائر جسده» [١٦] «٤».

(١) سنن أبي داود: ١/ ٣٧٥. [.....]
(٢) كلام غير مقروء في المخطوط.
(٣) مسند أحمد: ٢/ ٢٦٢، بتفاوت يسير.
(٤) تفسير الطبري: ١٠/ ١٦٠، ومسند أحمد: ٢/ ١٥٦. ٢٧٩، بتفاوت، وكتاب المسند للشافعي: ٨٧.


الصفحة التالية
Icon