وقال سعيد بن جبير: الطاء افتتاح اسمه طاهر وطيب، والهاء افتتاح اسمه هادي. وقيل:
الطاء يا طامع الشفاعة للأمة، والهاء يا هادي الخلق إلى الملّة.
وقيل: الطاء من الطهارة، والهاء: من الهداية، وكأنه تعالى يقول لنبيّه صلى الله عليه وسلم: يا طاهرا من الذنوب، ويا هاديا إلى علّام الغيوب، وقيل: الطاء: طبول الغزاة، والهاء:
هيبتهم في قلوب الكفار، قال الله تعالى سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ «١». وقال:
وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ، وقيل: الطاء: طرب أهل الجنة «٢»، والهاء: هوان أهل النار في النار، وقيل: الطاء تسعة في حساب [الجمل] والهاء خمسة، أربعة عشر، ومعناها يا أيّها البدر ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى
قال مجاهد: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه يربطون الحبال في صدورهم في الصلاة بالليل «٣» ذلك بالفرض، وأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال الكلبي: لمّا نزل على رسول الله الوحي بمكّة اجتهد في العبادة واشتدّت عبادته فجعل يصلّي الليل كله «٤»، فكان بعد نزول هذه الآية ينام ويصلّي.
أخبرنا عبد الله بن حامد بن محمد الهروي عن بشر بن موسى الحميدي عن سفيان بن زياد بن علاقة قال: سمعت المغيرة بن شعبة يقول: قام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى تورمت قدماه، وقيل له: يا رسول الله أليس قد غفر الله لك ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ؟ فقال صلّى الله عليه وسلّم: أفلا أكون عَبْداً شَكُوراً «٥».
وقال مقاتل: قال أبو جهل بن هشام والنصر بن الحرث «٦» للنبىّ صلّى الله عليه وسلّم: إنّك لتسعى بترك ديننا- وذلك لما رأوا من طول عبادته وشدّة اجتهاده- فإننا نراه أنّه ليس لله وأنّك مبعوث إلينا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: بل بعثت رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ، قالوا: بل أنت شقيّ، فأنزل الله تعالى طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى وأصل «٧» لكن أنزلناه عظة «٨» لِمَنْ يَخْشى «٩».
قال الحسين بن الفضل: فيه تقديم وتأخير مجازه: ما أنزلنا عليك القرآن إلّا تذكرة لمن يخشى ولئلّا تشقى، تنزيلا بدل من قوله تَذْكِرَةً.
(٢) في نسخة أصفهان زيادة: في الجنة.
(٣) في نسخة أصفهان زيادة: ثم نسخ.
(٤) في نسخة أصفهان زيادة: زمانا حتى نزلت هذه الآية فأمره الله عز وجل أن يخفف عن نفسه فيصلي وينام فنسخت هذه الآية قيام الليل كله.
(٥) مسند أحمد: ٤/ ٢٥١.
(٦) في نسخة أصفهان أبو جهل والنضر بن هشام.
(٧) في نسخة أصفهان زيادة: الشقاء في اللغة العناد والتعب إِلَّا تَذْكِرَةً.
(٨) في نسخة أصفهان زيادة: وتَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى.
(٩) أسباب نزول الآيات- النيسابوري- ص: ٢٠٥. [.....]