إنّهم لا رفيق لهم، هم خدّام أنفسهم، هم أكرم على الله من أن يوسّع عليهم لهوان الدنيا عند ربهم» ثمّ تلا رسول الله صلى الله عليه وسلّم هذه الآية وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً» [٨٧].
وروي أنّ الحسن كان إذا قرأ هاتين الآيتين قال: هذا وصف نهارهم.
ثمّ قال وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً هذا وصف ليلهم.
قال ابن عباس: من صلّى بالليل ركعتين أو أكثر من ذلك فقد بات لله سبحانه وتعالى ساجدا وقائما.
قال الكلبي: يقال: الركعتان بعد المغرب وأربع بعد العشاء الآخرة.
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً أي ملحّا دائما لازما غير مفارق من عذّب به من الكفار، ومنه سمّي الغريم لطلبه حقّه وإلحاحه على صاحبه وملازمته إيّاه، وفلانا مغرم بفلان إذا كان مولعا به لا يصبر عنه ولا يفارقه، قال الأعشى:
إن يعاقب يكن غراما وإن | يعط جزيلا فإنّه لا يبالي «١» |
ابن زيد: الغرام الشرّ، أبو عبيد: الهلاك، قال بشر بن أبي حازم:
ويوم النسار ويوم الجفار | كانا عذابا وكانا غراما «٣» |
إِنَّها يعني جهنم ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً أي إقامة، من أقام يقيم.
وقال سلامة بن جندل:
يومان يوم مقامات وأندية | ويوم سير إلى الأعداء تأويب «٤» |
فأتي ما وأيك كان شرّا | فقيد إلى المقامة لا يراها «٥» |
(٢) في النسخة الثانية زيادة: وقال محمد بن كعب: إن الله عز وجل سأل الكفار ثمن نعمه فلم يؤدوها إليه، فأغرمهم فأدخلهم النار.
(٣) تاج العروس: ٩/ ٣.
(٤) تفسير الطبري: ١٩/ ٤٧، ولسان العرب: ١/ ٢٢٠. [.....]
(٥) المصدر السابق، ولسان العرب: ١٢/ ٥٠٦.