يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ الزلزلة والزلزال: شدّة الحركة على الحال الهائلة، من قوله: زلّت قدمه إذا زالت عن الجهة بسرعة، ثم ضوعف.
يَوْمَ تَرَوْنَها
يعني الساعة تَذْهَلُ
أي تشغل، عن ابن عباس، وقال الضحّاك تسلو، ابن حيان: تنسى، يقال: ذهلت عن كذا أي تركته واشتغلت بغيره أذهل ذهولا، وأذهلني الشيء إذهالا. قال الشاعر:
صحا قلبه يا عزّ أو كاد يذهل
كُلُّ مُرْضِعَةٍ
يعني ذات ولد رضيع، والمرضع المرأة التي لها «١» صبي ترضعه لغيرها، هذا قول أهل الكوفة، وقال أهل البصرة: يقال: امرأة مرضع إذا أريد به الصفة مثل مقرب ومشرق «٢» وحامل وحائض، فإذا أرادوا الفعل أدخلوا الهاء فقيل: مرضعة، التي ترضع ولدها.
وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها
أي تسقط ولدها من هول ذلك اليوم.
وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى.
قال الحسن «٣» : معناه: وَتَرَى النَّاسَ سُكارى
من الخوف، ما هُمْ بِسُكارى
من الشراب.
وقال أهل المعاني: مجازه: وترى الناس كأنّهم سكارى، تدل عليه قراءة أبي زرعة بن عمرو بن جرير: وَتُرَى النَّاسُ بضم التاء أي تظن.
وقرأ أهل الكوفة إلّا عاصما: سكرى ما هم سكرى بغير ألف فيهما، وهما لغتان لجمع السكران مثل كسلى وكسالى وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ.
روى عمران بن حصين وأبو سعيد الخدري وغيرهما: إنّ هاتين الآيتين نزلتا ليلا في غزوة بني المصطلق وهم حيّ من خزاعة والناس يسيرون، فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فحثوا المطيّ حتى كانوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقرأهما عليهم فلم ير أكثر باكيا من تلك الليلة، فلمّا أصبحوا لم يحطّوا السرج عن الدواب ولم يضربوا الخيام ولم يطبخوا قدرا والناس من بين باك أو حاسر «٤» حزين متفكّر، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم «٥» :«أبشروا وسدّدوا وقاربوا، فإن معكم خليقتين ما كانتا في قوم إلّا كثّرتاه يأجوج ومأجوج».
(٢) في الثانية: ومشيدن.
(٣) في النسخة الثانية: الحسين.
(٤) في النسخة الثانية: جالس.
(٥) في النسخة الثانية زيادة: أتدرون أي يوم ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذلك يوم يقول الله عز وجل لآدم: قم فابعث بعث النار من ذريتك، فيقول آدم: من كلّ كم كم؟ فيقول الله عز وجل: من كل ألف تسعمائة وتسع وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنّة. فكبر ذلك على المسلمين وبكوا وقالوا: فمن ينجو يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم.