للفعل هو التوفر عليه دون غيره. أَيُّهَ الثَّقَلانِ أي الجن والإنس، دليله قوله في عقبه يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ سمّيا ثقلين لأنهما ثقل أحياء وأمواتا، قال الله سبحانه: وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها وقال بعض أهل المعاني: كل شيء له قدر ينافس فيه فهو ثقل، ومنه قيل لبيض النعام: ثقل لأن واجده وصائده يفرح إذا ظفر به قال الشاعر:
فتذكّرا ثقلا رثيدا بعد ما | ألقت ذكاء يمينها في كافر «١» |
[١٦٩] «٢» فجعلهما ثقلين إعظاما لقدرهما، وقال جعفر الصادق: سمي الجن والانس ثقلين لأنهما مثقلان بالذنوب.
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ ولم يقل: استطعتما لأنهما فريقان في حال جمع كقوله سبحانه: فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ وقوله سبحانه:
هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ.
أَنْ تَنْفُذُوا تجوزوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي أطرافها فَانْفُذُوا ومعنى الآية إن استطعتم ان تجوزوا أطراف السماوات والأرض فتعجزوا ربكم حتى لا يقدر عليكم فجوزوا، وانما يقال لهم هذا يوم القيامة، وقال الضحاك: يعني هاربين من الموت، فأخبر أنه لا يجيرهم من الموت ولا محيص لهم منه، ولو نفذوا من أقطار السماوات والأرض كانوا في سلطان الله عز وجل وملكه، وقال ابن عباس: يعني: إن استطعتم أن تعلموا ما في السموات والأرض فاعلموا، ولن تعلموه إلّا بسلطان يعني البيّنة من الله سبحانه. لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ أي حجة.
قال ابن عباس وعطاء: لا تخرجون من سلطان، وقيل معناه إلّا إلى سلطاني كقوله وَقَدْ أَحْسَنَ بِي أي أحسن أليّ، وقال الشاعر:
أسىء بنا أفأحسني لا ملومة | لدينا ولا مقليّة إن تقلّت |
هجوتك فاختضعت لها بذلّ | بقافية تأجج كالشواظ «٣» |
(١) الصحاح: ٢/ ٤٧٢. [.....]
(٢) مسند احمد: ٣/ ١٨.
(٣) تفسير القرطبي: ١٧/ ١٧١.
(٢) مسند احمد: ٣/ ١٨.
(٣) تفسير القرطبي: ١٧/ ١٧١.