إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ:
الأسفلين.
كَتَبَ اللَّهُ: قضى الله سبحانه لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي، وذلك أنّ المؤمنين قالوا: لئن فتح الله لنا مكّة وخيبر وما حولها فإنّا لنرجو أن يظفرنا الله على الروم وفارس. فقال عبد الله بن أبىّ: أتظنّون الروم وفارس كبعض القرى التي غلبتم عليها؟ والله لهم أكثر عددا وأشدّ بطشا من ذلك. فأنزل الله سبحانه: كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ نظيره قوله سبحانه:
وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ «١».
لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ- الآية- نزلت في حاطب بن أبي بلتعة حين كتب إلى أهل مكة. وسنذكر القصة في سورة الامتحان إن شاء الله.
وقال السدّي: نزلت في عبد الله بن عبد الله بن أبي، وذلك أنّه كان جالسا إلى جنب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فشرب رسول الله (عليه السلام) الماء، فقال عبد الله: يا رسول الله، أبق فضلة من شرابك. قال: «وما تصنع بها» ؟ قال: أسقيها أبي لعلّ الله يطهّر قلبه.
ففعل فأتى بها أباه، فقال: ما هذا؟ قال من شراب رسول الله (عليه السلام) جئتك بها لتشربها لعلّ الله سبحانه وتعالى يطهّر قلبك. فقال أبوه: هلّا جئتني ببول أمّك. فرجع إلى النبي (عليه السلام)، فقال: يا رسول الله، ائذن لي في قتل أبي. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «بل ترفّق به وتحسّن إليه» «٢».
وقال ابن جريح: حدّثت أنّ أبا قحافة سبّ النبي صلّى الله عليه وسلّم فصكّه أبو بكر صكّة سقط منها، ثم ذكر ذلك للنبيّ (عليه السلام) فقال: «أو فعلته؟». فقال: نعم. قال: «فلا تعد إليه» [٢٤٤] «٣» فقال أبو بكر رضي الله عنه: والله لو كان السيف منّي قريبا لقتلته، فأنزل الله سبحانه هذه الآية:
يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ.
وروى مقاتل بن حيّان، عن مرّة الهمذاني، عن عبد الله بن مسعود في هذه الآية: وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ يعني أبا عبيدة بن الجراح قتل أباه عبد الله بن الجراح يوم أحد أَوْ أَبْناءَهُمْ
يعني أبا بكر دعا ابنه يوم بدر إلى البراز، وقال: يا رسول الله: دعني أكرّ في الرعلة «٤» الأولى. فقال له رسول الله: «متّعنا بنفسك يا أبا بكر، أما تعلم أنّك عندي بمنزلة سمعي وبصري؟» [٢٤٥] «٥».
(٢) تفسير القرطبي: ١٧/ ٣٠٧.
(٣) زاد المسير: ٧/ ٣٢٨.
(٤) الرعلة: الخيل. هامش المخطوط. الصحاح ٤: ١٧١٠- رعل.
(٥) أسباب نزول الآيات: ٢٧٨.