نهر دجلة نهر ماء الجنّة، ونهر الفرات نهر لبنهم، ونهر مصر نهر خمرهم، ونهر سيحان نهر عسلهم، وهذه الأنهار الأربعة تخرج من نهر الكوثر.
وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ يعني المتّقين الّذين هم أهل الجنّة، كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ، فاستغنى بدلالة للكلام عليه، وقال ابن كيسان: مثل الجنّة التي فيها هذه الأنهار، والثمار، كمثل النّار التي فيها الحميم، ومثل أهل الجنّة في النعيم المقيم، كمثل أهل النّار في العذاب الأليم.
وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ إذا أدني منهم شوى وجوههم، ووقعت فروة رؤوسهم، فإذا شربوه قطّع أَمْعاءَهُمْ وَمِنْهُمْ يعني ومن هؤلاء الكفّار مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وهم المنافقون يستمعون قولك، فلا يعونه، ولا يفهمونه تهاونا منهم بذلك، وتغافلا حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ من الصحابة ماذا قالَ آنِفاً (الآن) وأصله الابتداء.
قال مقاتل: وذلك أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان صلّى الله عليه وسلّم يخطب ويحث المنافقين، فسمع المنافقون قوله، فلمّا خرجوا من المسجد سألوا عبد الله بن مسعود عمّا قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم استهزاء وتهاونا منهم بقوله.
قال ابن عبّاس في قوله: قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ: أنا منهم وقد سئلت فيمن سئل. قال قتادة: هؤلاء المنافقون، دخل رجلان: رجل عقل عن الله تعالى وانتفع بما سمع، ورجل لم يعقل عن الله، فلم ينتفع بما سمع، وكان يقال: النّاس ثلاثة: سامع عاقل، وسامع عامل، وسامع غافل تارك.
أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فلم يؤمنوا. وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا يعني المؤمنين. زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ وقرأ ابن مسعود والأعمش وأنطاهم! وأعطاهم تَقْواهُمْ ألهمهم ذلك، ووفّقهم، وقال سعيد بن جبير: وَآتاهُمْ ثواب تَقْواهُمْ.
فَهَلْ يَنْظُرُونَ ينتظرون. إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها أماراتها وعلاماتها، وبعث [النبي] صلّى الله عليه وسلّم منها وقيل: أدلّتها وحجج كونها، واحدها شرط، وأصل الأشراط الإعلام، ومنه الشرط، لأنّهم جعلوا لأنفسهم علامة يعرفون بها، ومنه الشرط في البيع وغيره.
ويقال: أشرط نفسه في عمل كذا، وأعلمها وجعلا له. قال أوس بن حجر يصف رجلا وقد تدلّى بحبل من رأس جبل إلى نبعة ليقطعها ويتخذ منها قوسا:

فأشرط فيها نفسه وهو معصم وألقى بأسباب له وتوكلا «١»
(١) غريب الحديث: ١/ ٤١.


الصفحة التالية
Icon